تهذيب شرح جوهرة التوحيد
متن
الشيخ برهان الدين إبراهيم بن إبراهيم اللقاني المالكي
شرح
العلامة الشيخ إبراهيم الباجوري
تهذيب
نخبة من العلماء
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد في ذاته وصفاته وأفعاله، حمداً يوصلنا إلى حقيقة توحيده، والشكر على إنعامه وإفضاله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النور المبين، الداعي إلى توحيد الملك الخلاق والذي جاءنا بأتم مكارم الأخلاق وأزال الله بدعوته ظلمات الشرك وظلم الإنسان لأخيه، وجمع الله عليه - بما منحه من التواضع وحسن السيرة - قلوب أصحابه وتابعيه، ودعانا للإيمان بالله والرغبة فيه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لنكون من الفائزين برضوانه وقربه في الدنيا والآخرة وعلى آله وأصحابه الذين آمنوا به وبإخوانه المرسلين، وجاهدوا في سبيل الله لإعلاء كلمته، رغبة في الآخرة بدخول جنته، وسلم تسليماً.
أما بعد: فإن رسوخ العقيدة الإسلامية في قلب المؤمن هي السعادة العظمى في الدنيا والآخرة، لأنها مبنية على توحيد الخالق والإيمان به وبرسله الذين جاءوا منقذين للبشر من أهوائهم وضلالاتهم.
هذا وإن من أجل فوائد علم التوحيد نفيه الشكوك والشبه وما ذهب إليه علماء الطبيعة والفلاسفة، وبذلك يعطي النفس راحة واطمئناناً في الحياة ولدينا من الأدلة والبراهين على ما جاء به الإسلام من صحة العقيدة بوحدانية الله في ذاته وصفاته وأفعاله بما نراه من الآثار الكونية ونظامها البديع المتناسق، الذي يدل على عظمة الخالق وقدرته، فإن المتحقق بحقيقة التوحيد يدفعه تحققه إلى طاعة ربه وتقواه لأن التقوى هي سبب محبة الله لعبده فلا شك أن الله إذا أحبه يتولاه ويكلؤه بعنايته كما جاء في الحديث "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به إلى آخر الحديث" وقال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له فرقانا} يستبين به العبد طرق الهداية وسبل الرشاد وقال تعالى: { ومن يتق الله يجعل له نورا يمشي به في الناس} ومن ثمرة نور التقوى التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والإيقان بما عند الله من الكرامة للموقنين، وهل رأيت موقناً فاقداً لهذا النور؟ وقال ابن عطاء الله "إذا أشرق عليك نور اليقين رأيت الآخرة أقرب إليك من أن ترحل إليها" ولا يحصل الإيقان إلا بإطلاق عنان العقل في هذا الملك والملكوت وصحبة أهل التقوى واليقين، فإن البيئة ليست إلا ممحصة ومطهرة للقلب من الأوباء والشهوات وتحت ظلال التمحيص والتطهير يتربى الإيمان ويترعرع ويثمر اليقين الذي لا يمكن أن يحل في هذا القلب مع وجود الشكوك والشهوات، ولا شيء أحرق للشهوات من الشوق والحنين إلى الله تعالى والخوف منه كما جاء في الحكم العطائية "لا يخرج الشهوة من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق" ولا خوف ولا شوق ولا حنين إلا بالمعرفة الصحيحة التي تنفتح بها البصيرة على الله ويسقط كل حجاب ويغدو الكون مظهراً لتجلي أسماء الله تعالى وصفاته. المعرفة التي تشهد معنى قوله تعالى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} وتشهد أيضاً أن {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وأنه {الْحَيُّ الْقَيُّومُ}. المعرفة التي عناها ابن عطاء الله حيث قال "الكون كله ظلمة وإنما أناره ظهور الحق فيه، فمن رأى الكون ولم يشهده عنده أو قبله أو بعده، فقد أعوزه وجود الأنوار، وحجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار" المعرفة التي استنارت بالعزوف عن اللذات وإسهار الليل وإظماء النهار وسقتها دموع الندامة على ما فات، ودموع الشوق لما هو آت، ورعتها بيئة هدر لسانها لذيذ التسبيح، وأنين التوبة في محراب السحر حتى تلألأت أنوار التوبة على التائبين والعطاء للسائلين والإجابة للداعين مع ثمرات القبول.
ولعلك تقول وهل في الوجود مثل هذه البيئة التي ذكرتها؟ نعم فإن طائفة الحق ظاهرة حتى الساعة، فإن لم تعثر عليها فكن أنت أول وافد على الله، مقبل عليه لائذ بجنابه وسيقفو إثرك ثان وثالث. حتى يجمع الله القلوب على توحيده وما ذلك على الله بعزيز.
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا بحث العقيدة بحثاً فكرياً وأثبتها إثباتاً اعتمد على النقل والعقل، وقد بذل ما في الوسع لإخراجه كتاباً مبسطاً سهلاً يستطيع المسلم به تعلم أمور العقيدة فيخرج من التقليد في الإيمان ويستطيع أن يرد ما يعترضه من شبهات تلقى من شياطين الإنس والجن. وقد بسطنا البحث في بعض مسائل الكتاب لشدة خطرها وعظيم شأنها وذكرنا الأحاديث مسندة إلى مخرجيها والآيات مرقمة، واعتمدنا في شرحنا على شرح شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم الباجوري رحمه الله تعالى فحذفنا ما فيه من لغة ونحو وبلاغة، وأضفنا إليه ما وجدناه مناسباً للبحث من كتب أخرى أشرنا إليها في أماكنها.
وقد تكرم فضيلة الشيخ عبد الكريم الرفاعي حفظه الله تعالى على قلة فراغه وكثرة أعماله بمراجعة الكتاب والتقديم له مما يجعلنا مطمئنين إلى أنه بات خالياً من الأوشاب والأخطاء، ولئن ظهر - بعد كل هذا - خطأ غير متعمد فقد أبى الله أن يعصم منه إلا كتابه الكريم.
وختاماً نسأله سبحانه وتعالى أن يكلأنا بحفظه ورعايته ويرعانا من مضلات الفتن ومدلهماتها. وأن ينفعنا بما علمنا إنه سميع قريب مجيب. والحمد لله رب العالمين.
روابط التحميل
http://file13.9q9q.net/Download/59854359/-----------------------.rar.html
رابط اخر
http://www.fileflyer.com/view/o2SwgBW
رابط اخر
http://www.herosh.com/up/73952/410159099.rar
متن
الشيخ برهان الدين إبراهيم بن إبراهيم اللقاني المالكي
شرح
العلامة الشيخ إبراهيم الباجوري
تهذيب
نخبة من العلماء
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الواحد في ذاته وصفاته وأفعاله، حمداً يوصلنا إلى حقيقة توحيده، والشكر على إنعامه وإفضاله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النور المبين، الداعي إلى توحيد الملك الخلاق والذي جاءنا بأتم مكارم الأخلاق وأزال الله بدعوته ظلمات الشرك وظلم الإنسان لأخيه، وجمع الله عليه - بما منحه من التواضع وحسن السيرة - قلوب أصحابه وتابعيه، ودعانا للإيمان بالله والرغبة فيه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، لنكون من الفائزين برضوانه وقربه في الدنيا والآخرة وعلى آله وأصحابه الذين آمنوا به وبإخوانه المرسلين، وجاهدوا في سبيل الله لإعلاء كلمته، رغبة في الآخرة بدخول جنته، وسلم تسليماً.
أما بعد: فإن رسوخ العقيدة الإسلامية في قلب المؤمن هي السعادة العظمى في الدنيا والآخرة، لأنها مبنية على توحيد الخالق والإيمان به وبرسله الذين جاءوا منقذين للبشر من أهوائهم وضلالاتهم.
هذا وإن من أجل فوائد علم التوحيد نفيه الشكوك والشبه وما ذهب إليه علماء الطبيعة والفلاسفة، وبذلك يعطي النفس راحة واطمئناناً في الحياة ولدينا من الأدلة والبراهين على ما جاء به الإسلام من صحة العقيدة بوحدانية الله في ذاته وصفاته وأفعاله بما نراه من الآثار الكونية ونظامها البديع المتناسق، الذي يدل على عظمة الخالق وقدرته، فإن المتحقق بحقيقة التوحيد يدفعه تحققه إلى طاعة ربه وتقواه لأن التقوى هي سبب محبة الله لعبده فلا شك أن الله إذا أحبه يتولاه ويكلؤه بعنايته كما جاء في الحديث "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به إلى آخر الحديث" وقال تعالى: {ومن يتق الله يجعل له فرقانا} يستبين به العبد طرق الهداية وسبل الرشاد وقال تعالى: { ومن يتق الله يجعل له نورا يمشي به في الناس} ومن ثمرة نور التقوى التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والإيقان بما عند الله من الكرامة للموقنين، وهل رأيت موقناً فاقداً لهذا النور؟ وقال ابن عطاء الله "إذا أشرق عليك نور اليقين رأيت الآخرة أقرب إليك من أن ترحل إليها" ولا يحصل الإيقان إلا بإطلاق عنان العقل في هذا الملك والملكوت وصحبة أهل التقوى واليقين، فإن البيئة ليست إلا ممحصة ومطهرة للقلب من الأوباء والشهوات وتحت ظلال التمحيص والتطهير يتربى الإيمان ويترعرع ويثمر اليقين الذي لا يمكن أن يحل في هذا القلب مع وجود الشكوك والشهوات، ولا شيء أحرق للشهوات من الشوق والحنين إلى الله تعالى والخوف منه كما جاء في الحكم العطائية "لا يخرج الشهوة من القلب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق" ولا خوف ولا شوق ولا حنين إلا بالمعرفة الصحيحة التي تنفتح بها البصيرة على الله ويسقط كل حجاب ويغدو الكون مظهراً لتجلي أسماء الله تعالى وصفاته. المعرفة التي تشهد معنى قوله تعالى {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ} وتشهد أيضاً أن {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} وأنه {الْحَيُّ الْقَيُّومُ}. المعرفة التي عناها ابن عطاء الله حيث قال "الكون كله ظلمة وإنما أناره ظهور الحق فيه، فمن رأى الكون ولم يشهده عنده أو قبله أو بعده، فقد أعوزه وجود الأنوار، وحجبت عنه شموس المعارف بسحب الآثار" المعرفة التي استنارت بالعزوف عن اللذات وإسهار الليل وإظماء النهار وسقتها دموع الندامة على ما فات، ودموع الشوق لما هو آت، ورعتها بيئة هدر لسانها لذيذ التسبيح، وأنين التوبة في محراب السحر حتى تلألأت أنوار التوبة على التائبين والعطاء للسائلين والإجابة للداعين مع ثمرات القبول.
ولعلك تقول وهل في الوجود مثل هذه البيئة التي ذكرتها؟ نعم فإن طائفة الحق ظاهرة حتى الساعة، فإن لم تعثر عليها فكن أنت أول وافد على الله، مقبل عليه لائذ بجنابه وسيقفو إثرك ثان وثالث. حتى يجمع الله القلوب على توحيده وما ذلك على الله بعزيز.
وهذا الكتاب الذي بين أيدينا بحث العقيدة بحثاً فكرياً وأثبتها إثباتاً اعتمد على النقل والعقل، وقد بذل ما في الوسع لإخراجه كتاباً مبسطاً سهلاً يستطيع المسلم به تعلم أمور العقيدة فيخرج من التقليد في الإيمان ويستطيع أن يرد ما يعترضه من شبهات تلقى من شياطين الإنس والجن. وقد بسطنا البحث في بعض مسائل الكتاب لشدة خطرها وعظيم شأنها وذكرنا الأحاديث مسندة إلى مخرجيها والآيات مرقمة، واعتمدنا في شرحنا على شرح شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم الباجوري رحمه الله تعالى فحذفنا ما فيه من لغة ونحو وبلاغة، وأضفنا إليه ما وجدناه مناسباً للبحث من كتب أخرى أشرنا إليها في أماكنها.
وقد تكرم فضيلة الشيخ عبد الكريم الرفاعي حفظه الله تعالى على قلة فراغه وكثرة أعماله بمراجعة الكتاب والتقديم له مما يجعلنا مطمئنين إلى أنه بات خالياً من الأوشاب والأخطاء، ولئن ظهر - بعد كل هذا - خطأ غير متعمد فقد أبى الله أن يعصم منه إلا كتابه الكريم.
وختاماً نسأله سبحانه وتعالى أن يكلأنا بحفظه ورعايته ويرعانا من مضلات الفتن ومدلهماتها. وأن ينفعنا بما علمنا إنه سميع قريب مجيب. والحمد لله رب العالمين.
روابط التحميل
http://file13.9q9q.net/Download/59854359/-----------------------.rar.html
رابط اخر
http://www.fileflyer.com/view/o2SwgBW
رابط اخر
http://www.herosh.com/up/73952/410159099.rar