القصد المجرد في معرفة الاسم المفرد - ابن عطاء الله السكندري
الحمد لله
والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسول الله
وعلى آله وصحبة ومن والاه
وبعد،
فإن هذا الكتاب الذي بين أيديكم يعد من أجمع الكتب حول لفظ الجلالة؛ الاسم المفرد {الله} جل ذكره. إذ تناول المؤلف فيه: خصائص هذا الاسم العظيمة وما تميز به عن غيره من الأسماء الحسنى، وشرحا لبعض معانيه، وتجلية لبعض أسراره وكيفية ذكره. كما تطرق رحمه الله إلى الأسماء الحسنى بعامة وتكلم عن التخلق بها وعن تجلياتها، وعن معاني (إحصائها). وأسهب في الكلام عن الذكر عامةً وأنواعه وفضله.
فموضوع هذا الكتاب على درجة عظيمة من الأهمية وخصوصا إذا عرفنا ما للاسم المفرد {الله} من أهمية في سلوك طريق الآخرة، وما لذكره من تأثير كبير على السالك إلى الله، لا يوازيه في ذلك أي ذكر من الأذكار، وهذا بتقرير العارفين بالله وأهل الاختصاص من السادة الصوفية نفعنا الله تعالى بهم.
فهذا هو إمام الطائفة الجنيد رضي الله عنه يقول في ذكر الاسم المفرد:
(ذاكر هذا الاسم [الله] ذاهب عن نفسه، متصل بربه، قائم بأداء حقه، ناظرٌ إليه بقلبه، قد أحرقت أنوار الشهود صفات بشريته) ["نور التحقيق" ص174].
ويقول الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه:
(ليكن ذكرك [الله، الله]، فإن هذا الاسم سلطان الأسماء، وله بساط وثمرة، فبساطه العلم، وثمرته النور، وليس النور مقصوداً لذاته ؛ بل لِما يقع به من الكشف والعيان، فينبغي الإكثار من ذكره، واختياره على سائر الأذكار، لتضمنه جميع ما في [لا إله إلا الله] من العقائد والعلوم والآداب والحقائق... إلخ) ["نور التحقيق" ص 174].
وقال العارف بالله ابن عجيبة الحسني رضي الله عنه:
(فالاسم المفرد[الله] هو سلطان الأسماء، وهو اسم الله الأعظم، ولا يزال المريد يذكره بلسانه ويهتز به حتى يمتزج بلحمه ودمه، وتسري أنواره في كلياته وجزئياته... إلى أن قال: فينتقل الذكر إلى القلب ثم إلى الروح ثم إلى السر، فحينئذ يخرس اللسان ويصل إلى الشهود والعيان) ["تجريد ابن عجيبة على شرح متن الأجرومية" ص15].*
ولقد أنكر البعض جواز الذكر بالاسم المفرد ظنا منهم عدم ورود ذلك في الكتاب والسنة! ولقد أخطئوا بذلك خطأ فادحا وفاتهم التحقيق بلا شك، بل إننا مأمورون بذلك في كتاب الله، بعبارة واضحة عامة لا تخصيص فيها. وهذه أدلة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء:
قال الله تعالى:
{واذْكُرِ اسمَ ربِّكَ وتبتَّلْ إليه تبتيلاً} [المزمل:8]. وقوله تعالى: {واذْكُرِ اسمَ ربِّكَ بكرةً وأصيلاً} [الدهر:25].
وورد في الحديث الشريف قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله، الله" [أخرجه مسلم في صحيحه]. وفي رواية أخرى: "لا تقوم الساعة على أحدٍ يقول: الله، الله" [أخرجه مسلم في صحيحه]. وواضح هنا الاسم المفرد وتكراره.
وقال العلامة ابن عابدين في حاشيته الشهيرة:
(روى هشام عن محمد عن أبي حنيفة أنه [أي الله] اسم الله الأعظم، وبه قال الطحاوي، وكثير من العلماء وأكثر العارفين حتى إنه لا ذكر عندهم لصاحب مقام فوق الذكر به، كما في "شرح التحرير" لابن أمير حاج) [حاشية ابن عابدين ج1/ص5]. وقال العلامة الخادمي: (واعلم أن اسم الجلالة [الله] هو الاسم الأعظم عند أبي حنيفة والكسائي والشعبي وإسماعيل بن إسحق وأبي حفص وسائر جمهور العلماء، وهو اعتقاد جماهير مشايخ الصوفية ومحققي العارفين، فإنه لا ذكر عندهم لصاحب مقام فوق مقام الذكر باسم [الله] مجرداً. قال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام: {قُلِ اللـهُ ثُمَّ ذرهُمْ} [الأنعام: 91]).
فهذا الكتاب القيم من الكتب النادرة ... ولا عجب فإن مؤلفه تاج العارفين ابن عطاء الله السكندري مشهور باستخراج مكنونات الدرر من الحقائق والمعارف. ويكفيه أنه مؤلف كتاب "الحكم" الذي شرحه العشرات من العلماء. وكان من أحدثها شرح الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي. وكذلك كتابه النفيس: "التنوير في إسقاط التدبير".
ونحن بعون الله نعمل على إخراج هذه الكتب القيمة وتنسيقها وبرمجتها وإضافة العناوين الموضحة لها ونشرها على الإنترنت ليستفيد الناس من هذه الكنوز وينهلوا من تلك الفوائد التي ترتقي بالروح، والتي من شأنها أن تنهض همم المسلمين وتعيد فيهم الفهم العميق والأصيل للشريعة والطريقة السليمة في تطبيقها ليجنوا ثمرات حقيقتها. ونسأل الله عز وجل أن يكون عملنا هذا خالصا لوجهه الكريم.
والحمد رب العالمين
روابط التحميل
http://www.fileflyer.com/view/cLCCiBn
رابط اخر
http://up2.m5zn.com/download-2009-4-12-03-r179hj0zn.rar
الحمد لله
والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسول الله
وعلى آله وصحبة ومن والاه
وبعد،
فإن هذا الكتاب الذي بين أيديكم يعد من أجمع الكتب حول لفظ الجلالة؛ الاسم المفرد {الله} جل ذكره. إذ تناول المؤلف فيه: خصائص هذا الاسم العظيمة وما تميز به عن غيره من الأسماء الحسنى، وشرحا لبعض معانيه، وتجلية لبعض أسراره وكيفية ذكره. كما تطرق رحمه الله إلى الأسماء الحسنى بعامة وتكلم عن التخلق بها وعن تجلياتها، وعن معاني (إحصائها). وأسهب في الكلام عن الذكر عامةً وأنواعه وفضله.
فموضوع هذا الكتاب على درجة عظيمة من الأهمية وخصوصا إذا عرفنا ما للاسم المفرد {الله} من أهمية في سلوك طريق الآخرة، وما لذكره من تأثير كبير على السالك إلى الله، لا يوازيه في ذلك أي ذكر من الأذكار، وهذا بتقرير العارفين بالله وأهل الاختصاص من السادة الصوفية نفعنا الله تعالى بهم.
فهذا هو إمام الطائفة الجنيد رضي الله عنه يقول في ذكر الاسم المفرد:
(ذاكر هذا الاسم [الله] ذاهب عن نفسه، متصل بربه، قائم بأداء حقه، ناظرٌ إليه بقلبه، قد أحرقت أنوار الشهود صفات بشريته) ["نور التحقيق" ص174].
ويقول الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه:
(ليكن ذكرك [الله، الله]، فإن هذا الاسم سلطان الأسماء، وله بساط وثمرة، فبساطه العلم، وثمرته النور، وليس النور مقصوداً لذاته ؛ بل لِما يقع به من الكشف والعيان، فينبغي الإكثار من ذكره، واختياره على سائر الأذكار، لتضمنه جميع ما في [لا إله إلا الله] من العقائد والعلوم والآداب والحقائق... إلخ) ["نور التحقيق" ص 174].
وقال العارف بالله ابن عجيبة الحسني رضي الله عنه:
(فالاسم المفرد[الله] هو سلطان الأسماء، وهو اسم الله الأعظم، ولا يزال المريد يذكره بلسانه ويهتز به حتى يمتزج بلحمه ودمه، وتسري أنواره في كلياته وجزئياته... إلى أن قال: فينتقل الذكر إلى القلب ثم إلى الروح ثم إلى السر، فحينئذ يخرس اللسان ويصل إلى الشهود والعيان) ["تجريد ابن عجيبة على شرح متن الأجرومية" ص15].*
ولقد أنكر البعض جواز الذكر بالاسم المفرد ظنا منهم عدم ورود ذلك في الكتاب والسنة! ولقد أخطئوا بذلك خطأ فادحا وفاتهم التحقيق بلا شك، بل إننا مأمورون بذلك في كتاب الله، بعبارة واضحة عامة لا تخصيص فيها. وهذه أدلة من الكتاب والسنة وأقوال العلماء:
قال الله تعالى:
{واذْكُرِ اسمَ ربِّكَ وتبتَّلْ إليه تبتيلاً} [المزمل:8]. وقوله تعالى: {واذْكُرِ اسمَ ربِّكَ بكرةً وأصيلاً} [الدهر:25].
وورد في الحديث الشريف قول النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله، الله" [أخرجه مسلم في صحيحه]. وفي رواية أخرى: "لا تقوم الساعة على أحدٍ يقول: الله، الله" [أخرجه مسلم في صحيحه]. وواضح هنا الاسم المفرد وتكراره.
وقال العلامة ابن عابدين في حاشيته الشهيرة:
(روى هشام عن محمد عن أبي حنيفة أنه [أي الله] اسم الله الأعظم، وبه قال الطحاوي، وكثير من العلماء وأكثر العارفين حتى إنه لا ذكر عندهم لصاحب مقام فوق الذكر به، كما في "شرح التحرير" لابن أمير حاج) [حاشية ابن عابدين ج1/ص5]. وقال العلامة الخادمي: (واعلم أن اسم الجلالة [الله] هو الاسم الأعظم عند أبي حنيفة والكسائي والشعبي وإسماعيل بن إسحق وأبي حفص وسائر جمهور العلماء، وهو اعتقاد جماهير مشايخ الصوفية ومحققي العارفين، فإنه لا ذكر عندهم لصاحب مقام فوق مقام الذكر باسم [الله] مجرداً. قال الله لنبيه عليه الصلاة والسلام: {قُلِ اللـهُ ثُمَّ ذرهُمْ} [الأنعام: 91]).
فهذا الكتاب القيم من الكتب النادرة ... ولا عجب فإن مؤلفه تاج العارفين ابن عطاء الله السكندري مشهور باستخراج مكنونات الدرر من الحقائق والمعارف. ويكفيه أنه مؤلف كتاب "الحكم" الذي شرحه العشرات من العلماء. وكان من أحدثها شرح الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي. وكذلك كتابه النفيس: "التنوير في إسقاط التدبير".
ونحن بعون الله نعمل على إخراج هذه الكتب القيمة وتنسيقها وبرمجتها وإضافة العناوين الموضحة لها ونشرها على الإنترنت ليستفيد الناس من هذه الكنوز وينهلوا من تلك الفوائد التي ترتقي بالروح، والتي من شأنها أن تنهض همم المسلمين وتعيد فيهم الفهم العميق والأصيل للشريعة والطريقة السليمة في تطبيقها ليجنوا ثمرات حقيقتها. ونسأل الله عز وجل أن يكون عملنا هذا خالصا لوجهه الكريم.
والحمد رب العالمين
روابط التحميل
http://www.fileflyer.com/view/cLCCiBn
رابط اخر
http://up2.m5zn.com/download-2009-4-12-03-r179hj0zn.rar