من طرف الباهي مايو 29th 2010, 10:59 pm
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدا يليق بجلال وجهه و عظيم سلطانه و الصلاة و السلام على محمد عبده و رسوله و بعد
يقول الشاعر
و غدا توفى النفوس ما كسبت و يحصد الزارعون ما زرعوا
فان أحسنوا فلأنفسهم و إن أساؤوا فبأس ما صنعوا.
و خير ما يزرع في هذه الحياة الدنيا لليوم الآخر الذي لا ريب فيه الكلمة الطيبة, الجميلة في لفظها و الممتازة في معناها, التي قال فيها الله عز و جل {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي ٱلسَّمَآءِ }.
الكلمة لها تأثير عجيب على الإنسان , فمفعولها في النفس كمفعول الكيميا في الأشياء و كمفعول الماء في الصخور الصماء... يقول علماء الأبدان الكلمة لها تأثير على بعض مراكز المخ التي تساعد على إفراز مادة الا ندروفين التي تؤثر بشكل خاص على مركز الانفعال...و يقول علماء الأرواح الكلمة الطيبة تلين القلوب القاسية و تحي الضمائر الميتة... و خاصة إذا كانت آية من كتاب الله عز و جل أو حديثا من سنة الرسول عليه الصلاة و السلام الذي قال و هو يحث المؤمنين على الدعوة الى الله( بلغوا عني و لو آية و حدثوا عن بني اسرائيل و لا حرج و من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار.) البخاري.
و لنا في الزمان أمثال و عبر...
1)هذا الفضيل ابن عياض...كان من أشقى القوم, يقطع الطريق و يسلب الأموال و يروع الآمنين...و في ليلة من الليالي حاول السطو كعادته على منزل من المنازل فصادف صاحب البيت واقفا بين يدي الله عز و جل يصلي و الناس نيام... يتلو القرآن و القرآن حصن حصين و حبل متين كل من تمسك به أمن و نجا...
كان الرجل يردد الآية من سورة الحديد{أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }. الآية 16... فقال الفضيل آن! آن! آن! يا رب ! ثم تاب بعدها توبة لو قسمت على أهل هذا الزمن لكفتهم...فبعد ما كان وليا من أولياء الشيطان أصبح وليا من أولياء الرحمن يتقرب إلى الله عز و جل بحبه و صار عالما من علماء الأمة ينتفع بعلمه ...ببركة آية خرجت من فم رجل صالح فاغتالت الفضيل الأول ذلك الشخص الرهيب الذي كان يسعى في الأرض فسادا ينشر الرعب و الخوف... و بعثت الفضيل الثاني ذلك الشخص الوديع الذي سعى في الأرض ليصلح الحرث و النسل و ينشر الحب و المودة و الرحمة و السلام...
2) و هذا رجل حضر حلقة من حلق الذكر في بيت من بيوت الله عز و جل,و حلق الذكر من رياض الحنة لا يشقى جليسها,...الرسول عليه الصلاة و السلام يقول في فضل هذه المجالس العلمية الكريمة و المباركة( ما من قوم يجتمعون في بيت من بيوت الله عز و جل يقرؤون و يتعلمون كتاب الله عز و جل يتدارسونه بينهم إلا حفت يهم الملائكة و غشيتهم الرحمة و ذكرهم الله فيمن عنده...) أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه.
فسمع المدرس يقول قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن سبحان الله العظيم سبحان الله و بحمده.) البخاري عن أبي هريرة...
فأعجبه الحديث و تأثر به تأثرا بليغا و أخذ يردده في نفسه... و حثهم الشيخ المدرس على الدعوة إلى الله تعالى بالكلمة الطيبة و الموعظة الحسنة و على نشر العلم لقوله تعالى( و من أحسن قولا ممن دعا إلى الله و عمل صالحا و قال إنني من المسلمين...) و قول الرسول عليه الصلاة و السلام ( بلغوا عني و لو آية...)
و تطبيقا للدرس إذ من مقتضى العلم العمل, انطلق الرجل المؤمن يحدث الناس بهذا الحديث الشريف... كلما دخل على أهله و أولاده و سلم عليهم قال قال رسول صلى الله عليه و سلم ( كلمتان خفيفتان على اللسان...) و ذكر الحديث...إذا دخل دكانا و سلم قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم( كلمتان خفيفتان على اللسان...) و ذكر الحديث...و هكذا كلما حل بمكان و نزل على ملأ ردد على السامعين هذا الحديث الجميل...حتى ألفه الناس و حفظوه...
و فجأة سقط الرجل الداعية مريضا... و حمل على جناح السرعة و على سرير الاستعجالات الطبية إلى العيادة...و أجريت له عمالية جراحية...و حدثت معجزة حيرت الجراحين و الأطباء...فمات الرجل... و الموت لا يحير اللبيب فهو حق و هو مصير كل حي و لكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون.
و ما الموت إلا كسفينة أو قطار
يأتي لست أدري أبليل أو نهار
لنقل أرواحنا الى دار القرار
فريق في الجنة و فريق في النار.
و لكن الآية و الشيء الذي حير الجراحين هو أن الرجل قبل أن يموت و هو ممدود على السرير و تحت تأثير المخدر رفع رأسه و نطق قائلا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( كلمتان خفيفتان على اللسان, ثقيلتان في الميزان, حبيبتان الى الرحمن سبحان الله العظيم سبحان الله و بحمده.) ثم مات و أسلم الروح لبارئها. فسبحان الله العظيم و سبحان الله و بحمده...يفعل الله ما يشاء و لا يسأل عما يفعل و هم يسألون. إذا أراد شيئا قال له كن فيكون...ليعلم الأطباء و الحكماء و العلماء...أن الله على كل شيء قدير .
و احتار الطبيب في أمره...فاتصل بعالم من علماء بلاده, و أخبره بما جرى و كان, و اطرق الفقيه رأسه و هو يردد سبحان الله! سبحان الله ! {وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ }. يوسف 105
ثم قال للطبيب أنت كطبيب و مختص في العلم التجريبي هل عندك تفسير لهذه الظاهرة ؟ قال لا و الله و لا عالم يستطيع أن يفسر ذلك...
فقال العالم الرباني الذي يستمد علمه من مصدر الوحي و مشكاة النبوة... هو آية من آيات الله و بشير لك أو نذير أقام عليك الحجة البالغة ثم مضى . إن شئت آمنت و إن شئت كفرت, فاختر لنفسك ما تشاء قبل الفناء...فوالله ليس لك بعد الموت من دار الا الجنة أو النار؟
و أثرت هذه الموعظة في نفس الجراح فتاب توبة لو قسمت على أهل هذا الزمن لكفتهم...ثم أقبل بقلبه و عقله على حفظ القرآن الكريم و دراسته و على شروح السنة الشريفة و التفقه فيها حتى أصبح داعية من الدعاة إلى سبيل الله عز و جل...بفضل الله ثم ببركة الحديث{إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ }. القصص 56,
علينا بالبلاغ و على الله الهداية و التوفيق...
هذا بعض ما جاء في تأثير الكلمة الطيبة في بعض النفوس ...و لكن هناك صنف من الناس شقي و محروم, لهم قلوب قاسية أشد من الحجارة و لهم عقول متحجرة أشد من البهائم...قال تعالى{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ }. الأعراف 179
و هؤلاء لا يتأثرون و لو أسمعتهم كل الآيات البينات الواردة في التوراة و الزبور و الإنجيل و القرآن العظيم ...و لا يؤمنون و لو سعت بين أيديهم كل المعجزات...إذا سمعوا الآيات تتلى عليهم قالوا هذا شعر جميل و إذا رؤوا المعجزات تسعى أمامهم قالوا هذا سحر مبين!!
و في مثل هؤلاء جاء وعد الله سبحانه و تعالى {إِنَّ ٱلَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّىٰ يَرَوُاْ ٱلْعَذَابَ ٱلأَلِيمَ }. يونس 96.
فليرتقبوا إذا ( أبوفيس(Apophis هذا النيزك الرهيب القادم نحو الأرض لتخريبها بسرعة 20 ألف كم في الساعة لعلهم يؤمنون عام 2036 م
نسأل الله الهداية للجميع و الأمن لكوكبنا المهدد بالفناء ! و الحمد لله رب الأرض و السماء.