[SIZE="5"]السيرة النبوية كتاب اكتروني رائع
أبو الحسن على الحسنى الندوى
ترجمة العلّامة المؤلّف رحمة اللّه تعالى»
هو المربّي العظيم ، والداعية الحكيم ، والمفكّر المجدّد ، والأديب البارع ، والكاتب القدير ، وعلّامة الهند ، وربّانيّ الأمّة ، ونموذج السّلف ، والعالم العامل ، والحبر الكامل ، والزّاهد المجاهد : الشيخ السيّد أبو الحسن علي الحسني الندوي ، صاحب الكتب الفائقة ، والرّسائل الرائقة ، والمحاضرات النافعة ، «و الذي أجمع عليه السلفيّون والمتصوّفون ، والمذهبيون واللّامذهبيون ، والتقليديون والمعاصرون» «1» ، و«الذي أخلص وجهه للّه تعالى ، وسار في حياته سيرة المسلم المخلص للّه تعالى ورسوله صلى اللّه عليه وسلم ، فدعا إلى الإسلام بالقدوة الحسنة ، ودعا إلى الإسلام بكتبه النقية ، ودعا إلى الإسلام بسياحته التي حاضر فيها ، ووجّه وأرشد» «2» ، و«الذي [كان ] ذخرا للإسلام ودعوته ، وكتبه ومؤلّفاته تتميّز بالدّقة العلمية ، وبالغوص العميق في تفهّم أسرار الشريعة ، وبالتحليل الدقيق لمشاكل العالم الإسلامي ووسائل معالجتها» «3» ، و«الذي عرفته في
___________
(1) قاله فقيه الدعاة ، وداعية الفقهاء : الدكتور يوسف القرضاوي.
(2) قاله شيخ الأزهر الأسبق : الدكتور عبد الحليم محمود - رحمه اللّه - .
(3) قاله الداعية الفقيه ، الصابر المجاهد : الدكتور مصطفى السباعي - رحمه اللّه - .
ص : 26
(1/19)
شخصيته وفي قلمه ، فعرفت فيه قلب المسلم ، والعقل المسلم ، وعرفت فيه الرجل الذي يعيش بالإسلام وللإسلام على فقه جيّد للإسلام .. هذه شهادة للّه أودعها» «1» ، و«الذي [كان ] مدرسة فكرية افتقدها العالم الإسلاميّ برحيله» «2».
اسمه ونسبه وأسرته :
هو عليّ أبو الحسن بن عبد الحي بن فخر الدين الحسني ، ينتهي نسبه إلى عبد اللّه الأشتر بن محمّد ذي النّفس الزكية بن عبد اللّه المحض ، بن الحسن (المثنّى) بن الإمام الحسن السبط الأكبر بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهم.
أوّل من استوطن الهند من هذه الأسرة في أوائل القرن السابع الهجري هو الأمير السيّد قطلب الدين المدني (776 ه).
والده مؤرّخ الهند الكبير العلّامة الطبيب السيّد عبد الحيّ الحسني ، الذي استحقّ بجدارة لقب «ابن خلّكان الهند» لمؤلّفه القيم «نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر» في ثماني مجلّدات عن أعلام المسلمين في الهند وعمالقتهم ، طبع أخيرا باسم «الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام» «3».
أمّا والدته - رحمها اللّه - فكانت من السيّدات الفاضلات ، المربيات النادرات ، المؤلّفات المعدودات ، والحافظات للقرآن الكريم ، تقرض الشعر ، وقد نظمت مجموعة من الأبيات في مدح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
___________
(1) قاله الأديب الكبير ، الداعية الشهيد : سيد قطب.
(2) قاله الدكتور عبد اللّه المحسن التركي ، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
(3) في ثلاث مجلّدات ضخمة ، في دار ابن حزم ، بيروت.
ص : 27
ميلاده ونشأته :
أبصر العلّامة أبو الحسن الندوي النور في 6 محرم 1333 ه (الموافق عام 1914 م) بقرية «تكية كلان» الواقعة قرب مديرية «رائي بريلي» في الولاية الشمالية «أترابرديش».
(1/20)
بدأ دراسته الابتدائية من القرآن الكريم في البيت ، ثم دخل في الكتّاب حيث تعلّم مبادىء اللغتين (الأردوية والفارسية) شأن أبناء البيوتات الشريفة في الهند في ذلك العصر ، وكان عمره يتراوح بين التاسعة والعاشرة إذ توفّي والده الجليل عام 1341 ه (1923 م). فتولّى تربيته أمّه الفاضلة ، وأخوه الأكبر الدكتور عبد العلي الحسني «1» وإليه يرجع الفضل في توجيه وتربية العلامة الندوي.
بدأ دراسته العربية على الشيخ خليل بن محمّد الأنصاري اليماني «2» في أواخر عام 1924 م ، وتخرّج عليه مستفيدا في الأدب العربي ، ثمّ توسّع فيه وتخصّص على الأستاذ الدكتور تقي الدين الهلالي المرّاكشي «3» عند مقدمه إلى ندوة العلماء عام 1930 م.
___________
(1) انظر ما كتب عنه العلّامة الندوي في كتابه «شخصيات وكتب» ص (63) ، طبع دار القلم بدمشق.
(2) انظر ترجمته في «من أعلام المسلمين ومشاهيرهم» ص (281) طبع دار ابن كثير ، بدمشق.
(3) هو العلّامة البحّاثة ، وأحد كبار علماء اللغة العربية في هذا العصر ، ولد بسجلماسة في المغرب ، ونشأ نشأة صوفية ، ثم تركها واتخذ السلفية معتقدا ، سافر إلى الهند وقرأ الحديث على كبار محدّثيها يومئذ ، وعيّن أستاذا خلال إقامته فيها في كلية اللغة العربية في دار العلوم - ندوة العلماء ، توفي - رحمه اللّه - بالدار البيضاء عام 1407 ه.
ص : 28
دراسته الجامعيّة :
(1/21)
التحق بجامعة لكهنؤ فرع الأدب العربي عام 1927 م ، ولم يتجاوز عمره آنذاك الأربعة عشر عاما ، وكان أصغر طلبة الجامعة سنا ، ونال منها شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها ، قرأ خلال أيام دراسته في الجامعة كتبا تعتبر في القمّة العربية والأردوية ، ممّا أعانه على القيام بواجب الدعوة وشرح الفكرة الإسلامية الصحيحة ، وإقناع الطبقة المثقّفة بالثقافة العصرية ، وتعلّم الإنجليزية مما مكّنته من قراءة الكتب المؤلّفة بها في التاريخ والأدب والفكر.
ثمّ التحق بدار العلوم - ندوة العلماء عام 1929 م وقرأ الحديث الشريف (صحيح البخاري ، ومسلم ، وسنن أبي داود ، وسنن الترمذي) حرفا حرفا مع شيء من تفسير البيضاوي على العلّامة المحدّث الشيخ حيدر حسن خان الطّونكي «1» ، ودرس التفسير لكامل القرآن الكريم على العلّامة المفسّر المشهور أحمد علي اللّاهوري في لاهور عام 1351 ه/ 1932 م ، وحضر دروس العلّامة المجاهد حسين أحمد المدني «2» في صحيح البخاري وسنن الترمذي خلال إقامته في دار العلوم ديوبند ، واستفاد منه في التفسير وعلوم القرآن أيضا.
في سلك التدريس :
انخرط في سلك التدريس عام 1934 م ، وعيّن أستاذا في دار العلوم ندوة العلماء لمادّتي التفسير والأدب.
___________
(1) انظر ترجمته في «الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام» للعلّامة عبد الحي الحسني ، ج : 3 ، ص : 1218 ، طبع دار ابن حزم ، بيروت.
(2) انظر ترجمته في كتاب «من أعلام المسلمين ومشاهيرهم» ص (239).
ص : 29
واستفاد خلال تدريسه في دار العلوم من الصّحف والمجلّات العربية الصادرة في البلاد العربية ، ممّا عرفه على البلاد العربية وأحوالها ، وعلمائها وأدبائها ومفكّريها عن كثب ، واستفاد أيضا من كتب المعاصرين من الدعاة والمفكّرين العرب وفضلاء الغرب والزعماء السياسيّين.
(1/22)
نشاطاته الدعويّة والإصلاحية :
قام برحلة استطلاعية للمراكز الدينية في الهند عام 1939 م ، تعرّف فيها على الشيخ المربّي العارف باللّه عبد القادر الرّأي فوري «1» ، والداعية إلى اللّه الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي «2» ، وكان هذا التعرّف نقطة تحوّل في حياته ، وبقي على الصلة بهما حتى وافاهما الأجل المحتوم ، وتلقّى التربية الروحية من الشيخ الرأي فوري واستفاد من صحبته ومجالسته ، وتأسّى بالشيخ الكاندهلوي في القيام بواجب الدّعوة وإصلاح المجتمع ، وقضى زمنا طويلا في رحلات وجولات دعوية متتابعة للتربية والإصلاح والتوجيه الديني في الهند وخارجها.
أسّس مركزا للتعليمات الإسلامية لتنظيم حلقات درس القرآن الكريم والسنّة النبوية عام 1943 م ، وأسّس حركة رسالة الإنسانية بين المسلمين والهندوس عام 1951 م ، والمجمع الإسلامي العلمي بدار العلوم - ندوة العلماء في لكهنؤ عام 1959 م.
شارك في تأسيس هيئة التعليم الديني للولاية الشمالية (أترابرديش) عام 1960 م ، وفي تأسيس المجلس الاستشاري الإسلامي لعموم الهند
___________
(1) انظر ترجمته في «من أعلام المسلمين ومشاهيرهم» ص (259).
(2) انظر ترجمته في «من أعلام المسلمين ومشاهيرهم» ص (233).
ص : 30
عام 1964 م ، وفي تأسيس هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند عام 1972 م.
رحلته مع الكتابة والتأليف :
كتب أوّل مقال بالعربية في مجلّة «المنار» للعلّامة السيّد رشيد رضا المصري عام 1931 م حول شخصية الإمام السيّد أحمد بن عرفان الشهيد ، وكان عمره - آنذاك - أربعة عشر عاما ، ثم نشره العلّامة رشيد رضا ككتاب مستقل لمّا رأى إعجاب كبار كتّاب العرب به.
(1/23)
ظهر له أوّل كتاب بالأردوية عام 1937 م يحمل اسمه «سيرة أحمد شهيد» ونال قبولا عاما في الأوساط الدينية والعلمية في الهند وباكستان ، وصدر له طبعات عديدة فيما بعد.
بدأ سلسلة تأليف الكتب المدرسية بالعربية ، وظهر أوّل كتاب فيها بعنوان «مختارات من أدب العرب» عام 1940 م ، و«قصص النبيّين» للأطفال و«القراءة الراشدة» عام 1944 م ، وقرّر جميع هذه الكتب في مقرّرات المعاهد والجامعات الإسلامية في بلاد العرب وشبه القارة الهندية.
ألّف كتابه المشهور «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟» عام 1944 م ، الذي عدّ من أفضل الكتب التي صدرت في هذا القرن «1».
دعي أستاذا زائرا في كلية الشريعة بجامعة دمشق عام 1956 م ، وألقى محاضرات بعنوان «التجديد والمجدّدون في تاريخ الفكر الإسلامي» نشرت بعد ذلك في شكل كتاب مستقلّ في أربع مجلّدات باسم «رجال الفكر والدعوة في الإسلام».
___________
(1) كما قاله المربّي المفكّر ، الداعية الناقد البصير : الأستاذ محمد المبارك - رحمه اللّه - .
ص : 31
ألّف كتابه حول القاديانية بعنوان «القادياني والقاديانية» عام 1958 م ، وكتابه «الصراع بين الفكرة الإسلامية والغربية في الأقطار الإسلامية» عام 1965 م وكتابه «الأركان الأربعة» عام 1967 م ، و«السيرة النبوية» عام 1976 م ، و«العقيدة والعبادة والسلوك» عام 1980 م و«المرتضى» في سيرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب - رضي اللّه عنه - عام 1988 م.
رئاسته لتحرير المجلّات والجرائد الإسلامية والإشراف عليها :
(1/24)
شارك في تحرير مجلّة «الضياء» العربية الصادرة من دار العلوم - ندوة العلماء عام 1932 م ومجلّة «الندوة» الأردوية الصادرة منها أيضا عام 1940 م ، وأصدر مجلّة باسم «تعمير حيات» بالأردوية عام 1948 م ، وكتب مقالات في الأدب والدعوة والفكر في أمّهات المجلّات العربية الصادرة من مصر ودمشق ك : «الرّسالة» للأستاذ أحمد حسن الزيّات و«الفتح» للأستاذ محب الدين الخطيب و«حضارة الإسلام» للدكتور مصطفى السّباعي و«المسلمون» للدكتور سعيد رمضان المصري.
أشرف على إصدار جريدة «نداي ملّت» بالأردوية عام 1962 م ، وأشرف كذلك على إصدار مجلّة «البعث الإسلامي» العربية الصادرة منذ عام 1955 م ، وجريدة «الرائد» العربية الصادرة منذ عام 1959 م ، ومجلة «تعمير حيات» الأردوية الصادرة منذ عام 1963 م ، وكلّها تصدر من دار العلوم - ندوة العلماء في لكهنؤ ، (الهند).
رحلاته :
سافر إلى الشرق والغرب داعية إلى اللّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، عاملا على إعلاء كلمة الإسلام بالكلمة المسموعة والمقروءة ، وبالعمل
ص : 32
الإيجابيّ البنّاء في كلّ مجال ، جوّابا للآفاق في سبيل اللّه ، محاضرا ، ومحدّثا ، ومحاورا ، واعظا وهاديا ، ومشاركا بالرأي والفكر في المجالس العلمية ، والمجامع الجامعية والمؤسّسات الإسلامية ، والمؤتمرات والندوات فيها «1».
تقدير وتكريم :
انتخبه مجمع اللغة العربية بدمشق والقاهرة والأردن عضوا مراسلا لما اتّصف به من العلم الجمّ ، والبحث الدقيق في ميادين الثقافة العربية والإسلامية ، ولمساعيه المكثّفة المشكورة في الأدب العربي الإسلامي.
اختير عضوا في المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة منذ تأسيسها عام 1962 م.
اختير عضوا في رابطة الجامعات الإسلامية منذ تأسيسها عام 1971 م.
(1/25)
اختير لاستلام جائزة الملك فيصل العالمية عام 1980 م ، لمؤلّفه القيّم «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟».
منح شهادة الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة كشمير عام 1981 م.
اختير رئيسا لمركز أو كسفورد للدراسات الإسلامية بلندن عام 1983 م.
اختير عضوا في المجمع الملكيّ لبحوث الحضارة الإسلامية وللبحث والتأليف والتحقيق في عمّان (الأردن).
اختير رئيسا عاما لرابطة الأدب الإسلامي العالمية (الرياض) عام 1984 م.
___________
(1) اقرأ للاطلاع على رحلاته الدعويّة في الخافقين كتاب «رحلات العلامة أبي الحسن علي الحسني الندوي مشاهداته - محاضراته - انطباعاته - لقاءاته» إعداد المحقّق ، طبع دار ابن كثير بدمشق.
ص : 33
أقيمت ندوة أدبية كبيرة حول حياته ، وجهوده الحثيثة ومساعيه المشكورة ، ومفاخره العظيمة في مجال الدعوة والأدب في إستانبول «تركيا» عام 1999 م ، حضرت فيها كبرى الشخصيات الدينية ، والأدبية من أنحاء العالم العربي والإسلامي.
اختير لاستلام جائزة الشخصية الإسلامية لعام 1419 ه لخدماته الجليلة وماثره العظيمة في مجال الدعوة الإسلامية ، وقدّم إليه الجائزة وليّ العهد لحكومة الإمارات العربية المتحدة سموّ الشيخ محمد بن راشد المكتوم.
منح له سلطان برونائي جائزة لخدماته الإسلامية ، عام 1998 م ، وذلك اعترافا بمكانته العلمية والفكرية الإسلامية العظيمة ، وتقديرا لخدماته المتميزة التي أنجزها في مجال الدعوة الإسلامية العظيمة ، والفكر الإسلامي.
رئاسته وعضويته للجامعات والمجامع :
تولّى العلامة الندوي الرئاسة والعضوية لعدّة جامعات إسلامية ، ومجامع عربية ، ومنظّمات دعوية ، ومراكز دينية في العالم الإسلامي وخارجه ، ومنها على سبيل المثال :
(1/26)
الأمين العام لدار العلوم - ندوة العلماء (الّتي أخذت صفة العالمية منذ ترأس أمانتها ، وتفوّقت على معظم جامعات العالم الّتي تهتمّ بشؤون الدراسات الإسلامية والعربية).
رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية (الرياض).
رئيس المجمع الإسلامي العلمي في لكهنؤ (الهند).
رئيس مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية (إنجلترا).
رئيس هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند.
ص : 34
رئيس هيئة التعليم الدّيني للولاية الشمالية (أترابرديش).
عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
عضو المجلس التأسيسي الأعلى العالمي للدعوة الإسلامية بالقاهرة.
عضو مجمع اللغة العربية بدمشق.
عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
عضو مجمع اللغة العربية الأردني.
عضو المجمع الملكيّ لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسّسة آل البيت) بالأردن.
عضو رابطة الجامعات الإسلامية بالرّباط (المغرب).
عضو المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة.
عضو المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد (باكستان).
عضو المجلس الاستشاري بدار العلوم ديوبند الإسلامية (الهند).
وعدا ذلك تولّى العلامة الرئاسة والعضوية لكثير من الجامعات الإسلامية ، والمراكز الدينية والمنظّمات الدعوية ، ولجان التعليم والتربية في العالم الإسلامي وخارجه.
وفاته :
توفّي - رحمه اللّه - عقب نوبة قلبية مفاجئة عن السادسة والثمانين من عمره الحافل بالأعمال القيامة والماثر العظيمة ، والخدمات الجليلة في مجال الفكر والدّعوة والأدب يوم الجمعة في 23 من شهر رمضان المبارك عام 1420 ه
ص : 35
(وكان آخر يوم من شهر ديسمبر عام 1999 م) في مسقط رأسه «رائي بريلي».
(1/27)
صلّي عليه في أنحاء العالم الإسلامي صلاة الغائب ، وصلّى كذلك حوالي خمسة ملايين من المسلمين الوافدين من مختلف أصقاع العالم في الحرمين الشريفين في 27 رمضان بعد صلاة العشاء ، رحمه اللّه رحمة واسعة ، وتغمّده بها وأسكنه فسيح جنانه.
خلقه وخلقه :
كان - رحمه اللّه - نحيف البدن ، ونحيل العود ، نقيّ اللون ، وقورا مهيبا في غير عبوس أو فظاظة ، طلق الوجه دائم البشر ، نظراته عميقة نفاذة ، ونبراته دقيقة أخّاذة ، فيها بحة.
كان جمّ التواضع ، هادئا ، محبا للخير ، ودودا محبوبا من كافة الطبقات.
كان خير مثل للعالم ، الورع الخلوق ، الذي يضمر الخير للجميع ، كان مثالا في النزاهة ، والتواضع والجرأة النادرة في الدعوة إلى الإصلاح ، وفي الاستقامة ، والحرص على الحقّ.
كان عدوّا للمظاهر الكاذبة ، يتخفّف في ثيابه وطعامه وفراشه ، ويكره التكلّف والمجاملة الزائدة ، ولا يقيم للمال وزنا في حياته ، كانت ثقته بربّه فوق كلّ شيء ، وكانت مثابرته على النضال في سبيل ما يؤمن به مضرب الأمثال ، وإخلاصه العميق كان سرّ نجاحه ، بينما يفشل الآخرون.
كان دائم المطالعة ، حريصا على صحبة الكتاب في خلواته وأوقات فراغه ، وكان شديد الاهتمام والعناية بكتب السيرة - على صاحبها ألف ألف سلام - وبكتب السلف والتاريخ والأدب.
ص : 36
كان فصيح اللسان ، بليغ الكلام ، وكان يمتاز بتمكّن عجيب من اللغة العربية ، وتذوّق رفيع للأدب ، وكانت تراكيبه اللفظية تلفت السامع ، وتستهوي القلب ، وكان يغلب على أسلوبه العنصر العاطفي الملتهب ، ومع ذلك إذا طرق باب البحث أجاد وأفاد وأمتع.
كان شديد العبادة والاجتهاد في رمضان ، وكان يؤمّه مئات من الناس من أنحاء الهند ويصومون معه ويقومون ، ويتحوّل المكان الذي يقضي فيه رمضان إلى زاوية عامرة بالذكر والتلاوة ، والسهر والعبادة.
(1/28)
كان من أعظم آماله - رحمه اللّه - أن يرى الإسلام سائدا على الأرض ، وأن يرى الدول الباغية مقهورة حتى يسلّي نفسه ويستبشر ، ويرى انتقام اللّه من الذين حاربوا الإسلام وأذلّوا المسلمين.
مؤلّفاته :
للعلّامة الندوي - رحمه اللّه - مؤلّفات قيمة ، ورسائل ممتعة في السيرة ، والفكر ، والدّعوة ، والأدب ، والتراجم ، نذكر هنا ما هو الأشهر منها بالعربيّة :
1 - السيرة النبوية.
2 - الطريق إلى المدينة.
3 - سيرة خاتم النبيين صلّى اللّه عليه وسلّم (للمبتدئين).
4 - المرتضى (في سيرة سيدنا علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه).
5 - رجال الفكر والدّعوة في الإسلام (أربع مجلّدات).
6 - الداعية الكبير الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي ودعوته إلى اللّه.
ص : 37
7 - شخصيات وكتب.
8 - ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟!
9 - الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية.
10 - الإسلام وأثره في الحضارة وفضله على الإنسانية.
11 - إلى الإسلام من جديد.
12 - المسلمون وقضية فلسطين.
13 - روائع من أدب الدعوة في القرآن والسيرة.
14 - الأركان الأربعة في ضوء القرآن والسنة.
15 - العقيدة والعبادة والسّلوك.
16 - التربية الإسلامية الحرّة.
17 - المدخل إلى الدراسات القرآنية.
18 - المدخل إلى دراسات الحديث.
19 - ربّانية لا رهبانيّة.
20 - القاديانية والقادياني دراسة وتحليل.
21 - في مسيرة الحياة (ثلاثة أجزاء في سيرته الذاتية).
22 - مختارات من أدب العرب (مجلّدان).
23 - روائع إقبال.
24 - إذا هبّت ريح الإيمان.
25 - المسلمون في الهند.
26 - مذكّرات سائح في الشرق العربي.
ص : 38
27 - قصص النبيّين (للأطفال).
28 - قصص من التاريخ الإسلامي (للأطفال).
(1/29)
وللعلّامة غير هذه المؤلّفات والكتب - مئات المقالات والمحاضرات والبحوث في السيرة النبوية ، والفكر ، والدّعوة ، والأدب ، والتراجم وفي موضوعات مختلفة ، وقد جمعناها ونشرناها مصحّحة ومنقّحة في سلسلة «تراث العلّامة الندوي» فقد صدر منها حتى الآن :
1 - محاضرات إسلامية في الفكر والدّعوة (ثلاث مجلّدات).
2 - مقالات إسلامية في الفكر والدّعوة (مجلّدان).
3 - دراسات قرآنية.
4 - مقالات في السيرة النبوية.
5 - من أعلام المسلمين ومشاهيرهم.
6 - أبحاث في التعليم والتربية الإسلامية.
7 - أبحاث في الحضارة الإسلامية والتربية.
8 - بحوث في الاستشراق والمستشرقين.
9 - رحلات العلّامة أبي الحسن علي الحسني الندوي.
10 - مكانة المرأة في الإسلام.
11 - خطابات صريحة إلى الأمراء والرّؤساء.
12 - اسمعيّات «1».
___________
(1) من يريد الاستزادة من الاطلاع على حياته وشخصيته داعية ، ومفكّرا ، ومربّيا وأديبا يرجع إلى كتابنا «أبو الحسن علي الحسني الندوي الإمام المفكّر الداعية الأديب» (الطبعة الثالثة) طبع في دار ابن كثير بدمشق.
ص : 39
السّيرة النّبويّة للدّاعية الحكيم ، المفكّر الإسلاميّ الكبير للعلّامة السيد أبي الحسن علي الحسني النّدوي (1333 - 1420 ه) (1914 - 1999 م) تحقيق وتعليق سيّد عبد الماجد الغوريّ
ص : 41
روابط التنزيل
[URL="http://www.islamup.com/download.php?id=160088"]http://www.islamup.com/download.php?id=160088[/URL][/SIZE]
أبو الحسن على الحسنى الندوى
ترجمة العلّامة المؤلّف رحمة اللّه تعالى»
هو المربّي العظيم ، والداعية الحكيم ، والمفكّر المجدّد ، والأديب البارع ، والكاتب القدير ، وعلّامة الهند ، وربّانيّ الأمّة ، ونموذج السّلف ، والعالم العامل ، والحبر الكامل ، والزّاهد المجاهد : الشيخ السيّد أبو الحسن علي الحسني الندوي ، صاحب الكتب الفائقة ، والرّسائل الرائقة ، والمحاضرات النافعة ، «و الذي أجمع عليه السلفيّون والمتصوّفون ، والمذهبيون واللّامذهبيون ، والتقليديون والمعاصرون» «1» ، و«الذي أخلص وجهه للّه تعالى ، وسار في حياته سيرة المسلم المخلص للّه تعالى ورسوله صلى اللّه عليه وسلم ، فدعا إلى الإسلام بالقدوة الحسنة ، ودعا إلى الإسلام بكتبه النقية ، ودعا إلى الإسلام بسياحته التي حاضر فيها ، ووجّه وأرشد» «2» ، و«الذي [كان ] ذخرا للإسلام ودعوته ، وكتبه ومؤلّفاته تتميّز بالدّقة العلمية ، وبالغوص العميق في تفهّم أسرار الشريعة ، وبالتحليل الدقيق لمشاكل العالم الإسلامي ووسائل معالجتها» «3» ، و«الذي عرفته في
___________
(1) قاله فقيه الدعاة ، وداعية الفقهاء : الدكتور يوسف القرضاوي.
(2) قاله شيخ الأزهر الأسبق : الدكتور عبد الحليم محمود - رحمه اللّه - .
(3) قاله الداعية الفقيه ، الصابر المجاهد : الدكتور مصطفى السباعي - رحمه اللّه - .
ص : 26
(1/19)
شخصيته وفي قلمه ، فعرفت فيه قلب المسلم ، والعقل المسلم ، وعرفت فيه الرجل الذي يعيش بالإسلام وللإسلام على فقه جيّد للإسلام .. هذه شهادة للّه أودعها» «1» ، و«الذي [كان ] مدرسة فكرية افتقدها العالم الإسلاميّ برحيله» «2».
اسمه ونسبه وأسرته :
هو عليّ أبو الحسن بن عبد الحي بن فخر الدين الحسني ، ينتهي نسبه إلى عبد اللّه الأشتر بن محمّد ذي النّفس الزكية بن عبد اللّه المحض ، بن الحسن (المثنّى) بن الإمام الحسن السبط الأكبر بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللّه عنهم.
أوّل من استوطن الهند من هذه الأسرة في أوائل القرن السابع الهجري هو الأمير السيّد قطلب الدين المدني (776 ه).
والده مؤرّخ الهند الكبير العلّامة الطبيب السيّد عبد الحيّ الحسني ، الذي استحقّ بجدارة لقب «ابن خلّكان الهند» لمؤلّفه القيم «نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر» في ثماني مجلّدات عن أعلام المسلمين في الهند وعمالقتهم ، طبع أخيرا باسم «الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام» «3».
أمّا والدته - رحمها اللّه - فكانت من السيّدات الفاضلات ، المربيات النادرات ، المؤلّفات المعدودات ، والحافظات للقرآن الكريم ، تقرض الشعر ، وقد نظمت مجموعة من الأبيات في مدح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
___________
(1) قاله الأديب الكبير ، الداعية الشهيد : سيد قطب.
(2) قاله الدكتور عبد اللّه المحسن التركي ، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
(3) في ثلاث مجلّدات ضخمة ، في دار ابن حزم ، بيروت.
ص : 27
ميلاده ونشأته :
أبصر العلّامة أبو الحسن الندوي النور في 6 محرم 1333 ه (الموافق عام 1914 م) بقرية «تكية كلان» الواقعة قرب مديرية «رائي بريلي» في الولاية الشمالية «أترابرديش».
(1/20)
بدأ دراسته الابتدائية من القرآن الكريم في البيت ، ثم دخل في الكتّاب حيث تعلّم مبادىء اللغتين (الأردوية والفارسية) شأن أبناء البيوتات الشريفة في الهند في ذلك العصر ، وكان عمره يتراوح بين التاسعة والعاشرة إذ توفّي والده الجليل عام 1341 ه (1923 م). فتولّى تربيته أمّه الفاضلة ، وأخوه الأكبر الدكتور عبد العلي الحسني «1» وإليه يرجع الفضل في توجيه وتربية العلامة الندوي.
بدأ دراسته العربية على الشيخ خليل بن محمّد الأنصاري اليماني «2» في أواخر عام 1924 م ، وتخرّج عليه مستفيدا في الأدب العربي ، ثمّ توسّع فيه وتخصّص على الأستاذ الدكتور تقي الدين الهلالي المرّاكشي «3» عند مقدمه إلى ندوة العلماء عام 1930 م.
___________
(1) انظر ما كتب عنه العلّامة الندوي في كتابه «شخصيات وكتب» ص (63) ، طبع دار القلم بدمشق.
(2) انظر ترجمته في «من أعلام المسلمين ومشاهيرهم» ص (281) طبع دار ابن كثير ، بدمشق.
(3) هو العلّامة البحّاثة ، وأحد كبار علماء اللغة العربية في هذا العصر ، ولد بسجلماسة في المغرب ، ونشأ نشأة صوفية ، ثم تركها واتخذ السلفية معتقدا ، سافر إلى الهند وقرأ الحديث على كبار محدّثيها يومئذ ، وعيّن أستاذا خلال إقامته فيها في كلية اللغة العربية في دار العلوم - ندوة العلماء ، توفي - رحمه اللّه - بالدار البيضاء عام 1407 ه.
ص : 28
دراسته الجامعيّة :
(1/21)
التحق بجامعة لكهنؤ فرع الأدب العربي عام 1927 م ، ولم يتجاوز عمره آنذاك الأربعة عشر عاما ، وكان أصغر طلبة الجامعة سنا ، ونال منها شهادة الليسانس في اللغة العربية وآدابها ، قرأ خلال أيام دراسته في الجامعة كتبا تعتبر في القمّة العربية والأردوية ، ممّا أعانه على القيام بواجب الدعوة وشرح الفكرة الإسلامية الصحيحة ، وإقناع الطبقة المثقّفة بالثقافة العصرية ، وتعلّم الإنجليزية مما مكّنته من قراءة الكتب المؤلّفة بها في التاريخ والأدب والفكر.
ثمّ التحق بدار العلوم - ندوة العلماء عام 1929 م وقرأ الحديث الشريف (صحيح البخاري ، ومسلم ، وسنن أبي داود ، وسنن الترمذي) حرفا حرفا مع شيء من تفسير البيضاوي على العلّامة المحدّث الشيخ حيدر حسن خان الطّونكي «1» ، ودرس التفسير لكامل القرآن الكريم على العلّامة المفسّر المشهور أحمد علي اللّاهوري في لاهور عام 1351 ه/ 1932 م ، وحضر دروس العلّامة المجاهد حسين أحمد المدني «2» في صحيح البخاري وسنن الترمذي خلال إقامته في دار العلوم ديوبند ، واستفاد منه في التفسير وعلوم القرآن أيضا.
في سلك التدريس :
انخرط في سلك التدريس عام 1934 م ، وعيّن أستاذا في دار العلوم ندوة العلماء لمادّتي التفسير والأدب.
___________
(1) انظر ترجمته في «الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام» للعلّامة عبد الحي الحسني ، ج : 3 ، ص : 1218 ، طبع دار ابن حزم ، بيروت.
(2) انظر ترجمته في كتاب «من أعلام المسلمين ومشاهيرهم» ص (239).
ص : 29
واستفاد خلال تدريسه في دار العلوم من الصّحف والمجلّات العربية الصادرة في البلاد العربية ، ممّا عرفه على البلاد العربية وأحوالها ، وعلمائها وأدبائها ومفكّريها عن كثب ، واستفاد أيضا من كتب المعاصرين من الدعاة والمفكّرين العرب وفضلاء الغرب والزعماء السياسيّين.
(1/22)
نشاطاته الدعويّة والإصلاحية :
قام برحلة استطلاعية للمراكز الدينية في الهند عام 1939 م ، تعرّف فيها على الشيخ المربّي العارف باللّه عبد القادر الرّأي فوري «1» ، والداعية إلى اللّه الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي «2» ، وكان هذا التعرّف نقطة تحوّل في حياته ، وبقي على الصلة بهما حتى وافاهما الأجل المحتوم ، وتلقّى التربية الروحية من الشيخ الرأي فوري واستفاد من صحبته ومجالسته ، وتأسّى بالشيخ الكاندهلوي في القيام بواجب الدّعوة وإصلاح المجتمع ، وقضى زمنا طويلا في رحلات وجولات دعوية متتابعة للتربية والإصلاح والتوجيه الديني في الهند وخارجها.
أسّس مركزا للتعليمات الإسلامية لتنظيم حلقات درس القرآن الكريم والسنّة النبوية عام 1943 م ، وأسّس حركة رسالة الإنسانية بين المسلمين والهندوس عام 1951 م ، والمجمع الإسلامي العلمي بدار العلوم - ندوة العلماء في لكهنؤ عام 1959 م.
شارك في تأسيس هيئة التعليم الديني للولاية الشمالية (أترابرديش) عام 1960 م ، وفي تأسيس المجلس الاستشاري الإسلامي لعموم الهند
___________
(1) انظر ترجمته في «من أعلام المسلمين ومشاهيرهم» ص (259).
(2) انظر ترجمته في «من أعلام المسلمين ومشاهيرهم» ص (233).
ص : 30
عام 1964 م ، وفي تأسيس هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند عام 1972 م.
رحلته مع الكتابة والتأليف :
كتب أوّل مقال بالعربية في مجلّة «المنار» للعلّامة السيّد رشيد رضا المصري عام 1931 م حول شخصية الإمام السيّد أحمد بن عرفان الشهيد ، وكان عمره - آنذاك - أربعة عشر عاما ، ثم نشره العلّامة رشيد رضا ككتاب مستقل لمّا رأى إعجاب كبار كتّاب العرب به.
(1/23)
ظهر له أوّل كتاب بالأردوية عام 1937 م يحمل اسمه «سيرة أحمد شهيد» ونال قبولا عاما في الأوساط الدينية والعلمية في الهند وباكستان ، وصدر له طبعات عديدة فيما بعد.
بدأ سلسلة تأليف الكتب المدرسية بالعربية ، وظهر أوّل كتاب فيها بعنوان «مختارات من أدب العرب» عام 1940 م ، و«قصص النبيّين» للأطفال و«القراءة الراشدة» عام 1944 م ، وقرّر جميع هذه الكتب في مقرّرات المعاهد والجامعات الإسلامية في بلاد العرب وشبه القارة الهندية.
ألّف كتابه المشهور «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟» عام 1944 م ، الذي عدّ من أفضل الكتب التي صدرت في هذا القرن «1».
دعي أستاذا زائرا في كلية الشريعة بجامعة دمشق عام 1956 م ، وألقى محاضرات بعنوان «التجديد والمجدّدون في تاريخ الفكر الإسلامي» نشرت بعد ذلك في شكل كتاب مستقلّ في أربع مجلّدات باسم «رجال الفكر والدعوة في الإسلام».
___________
(1) كما قاله المربّي المفكّر ، الداعية الناقد البصير : الأستاذ محمد المبارك - رحمه اللّه - .
ص : 31
ألّف كتابه حول القاديانية بعنوان «القادياني والقاديانية» عام 1958 م ، وكتابه «الصراع بين الفكرة الإسلامية والغربية في الأقطار الإسلامية» عام 1965 م وكتابه «الأركان الأربعة» عام 1967 م ، و«السيرة النبوية» عام 1976 م ، و«العقيدة والعبادة والسلوك» عام 1980 م و«المرتضى» في سيرة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب - رضي اللّه عنه - عام 1988 م.
رئاسته لتحرير المجلّات والجرائد الإسلامية والإشراف عليها :
(1/24)
شارك في تحرير مجلّة «الضياء» العربية الصادرة من دار العلوم - ندوة العلماء عام 1932 م ومجلّة «الندوة» الأردوية الصادرة منها أيضا عام 1940 م ، وأصدر مجلّة باسم «تعمير حيات» بالأردوية عام 1948 م ، وكتب مقالات في الأدب والدعوة والفكر في أمّهات المجلّات العربية الصادرة من مصر ودمشق ك : «الرّسالة» للأستاذ أحمد حسن الزيّات و«الفتح» للأستاذ محب الدين الخطيب و«حضارة الإسلام» للدكتور مصطفى السّباعي و«المسلمون» للدكتور سعيد رمضان المصري.
أشرف على إصدار جريدة «نداي ملّت» بالأردوية عام 1962 م ، وأشرف كذلك على إصدار مجلّة «البعث الإسلامي» العربية الصادرة منذ عام 1955 م ، وجريدة «الرائد» العربية الصادرة منذ عام 1959 م ، ومجلة «تعمير حيات» الأردوية الصادرة منذ عام 1963 م ، وكلّها تصدر من دار العلوم - ندوة العلماء في لكهنؤ ، (الهند).
رحلاته :
سافر إلى الشرق والغرب داعية إلى اللّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، عاملا على إعلاء كلمة الإسلام بالكلمة المسموعة والمقروءة ، وبالعمل
ص : 32
الإيجابيّ البنّاء في كلّ مجال ، جوّابا للآفاق في سبيل اللّه ، محاضرا ، ومحدّثا ، ومحاورا ، واعظا وهاديا ، ومشاركا بالرأي والفكر في المجالس العلمية ، والمجامع الجامعية والمؤسّسات الإسلامية ، والمؤتمرات والندوات فيها «1».
تقدير وتكريم :
انتخبه مجمع اللغة العربية بدمشق والقاهرة والأردن عضوا مراسلا لما اتّصف به من العلم الجمّ ، والبحث الدقيق في ميادين الثقافة العربية والإسلامية ، ولمساعيه المكثّفة المشكورة في الأدب العربي الإسلامي.
اختير عضوا في المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة منذ تأسيسها عام 1962 م.
اختير عضوا في رابطة الجامعات الإسلامية منذ تأسيسها عام 1971 م.
(1/25)
اختير لاستلام جائزة الملك فيصل العالمية عام 1980 م ، لمؤلّفه القيّم «ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟».
منح شهادة الدكتوراه الفخرية في الآداب من جامعة كشمير عام 1981 م.
اختير رئيسا لمركز أو كسفورد للدراسات الإسلامية بلندن عام 1983 م.
اختير عضوا في المجمع الملكيّ لبحوث الحضارة الإسلامية وللبحث والتأليف والتحقيق في عمّان (الأردن).
اختير رئيسا عاما لرابطة الأدب الإسلامي العالمية (الرياض) عام 1984 م.
___________
(1) اقرأ للاطلاع على رحلاته الدعويّة في الخافقين كتاب «رحلات العلامة أبي الحسن علي الحسني الندوي مشاهداته - محاضراته - انطباعاته - لقاءاته» إعداد المحقّق ، طبع دار ابن كثير بدمشق.
ص : 33
أقيمت ندوة أدبية كبيرة حول حياته ، وجهوده الحثيثة ومساعيه المشكورة ، ومفاخره العظيمة في مجال الدعوة والأدب في إستانبول «تركيا» عام 1999 م ، حضرت فيها كبرى الشخصيات الدينية ، والأدبية من أنحاء العالم العربي والإسلامي.
اختير لاستلام جائزة الشخصية الإسلامية لعام 1419 ه لخدماته الجليلة وماثره العظيمة في مجال الدعوة الإسلامية ، وقدّم إليه الجائزة وليّ العهد لحكومة الإمارات العربية المتحدة سموّ الشيخ محمد بن راشد المكتوم.
منح له سلطان برونائي جائزة لخدماته الإسلامية ، عام 1998 م ، وذلك اعترافا بمكانته العلمية والفكرية الإسلامية العظيمة ، وتقديرا لخدماته المتميزة التي أنجزها في مجال الدعوة الإسلامية العظيمة ، والفكر الإسلامي.
رئاسته وعضويته للجامعات والمجامع :
تولّى العلامة الندوي الرئاسة والعضوية لعدّة جامعات إسلامية ، ومجامع عربية ، ومنظّمات دعوية ، ومراكز دينية في العالم الإسلامي وخارجه ، ومنها على سبيل المثال :
(1/26)
الأمين العام لدار العلوم - ندوة العلماء (الّتي أخذت صفة العالمية منذ ترأس أمانتها ، وتفوّقت على معظم جامعات العالم الّتي تهتمّ بشؤون الدراسات الإسلامية والعربية).
رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية (الرياض).
رئيس المجمع الإسلامي العلمي في لكهنؤ (الهند).
رئيس مركز أوكسفورد للدراسات الإسلامية (إنجلترا).
رئيس هيئة الأحوال الشخصية الإسلامية لعموم الهند.
ص : 34
رئيس هيئة التعليم الدّيني للولاية الشمالية (أترابرديش).
عضو المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة.
عضو المجلس التأسيسي الأعلى العالمي للدعوة الإسلامية بالقاهرة.
عضو مجمع اللغة العربية بدمشق.
عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
عضو مجمع اللغة العربية الأردني.
عضو المجمع الملكيّ لبحوث الحضارة الإسلامية (مؤسّسة آل البيت) بالأردن.
عضو رابطة الجامعات الإسلامية بالرّباط (المغرب).
عضو المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنوّرة.
عضو المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية العالمية بإسلام آباد (باكستان).
عضو المجلس الاستشاري بدار العلوم ديوبند الإسلامية (الهند).
وعدا ذلك تولّى العلامة الرئاسة والعضوية لكثير من الجامعات الإسلامية ، والمراكز الدينية والمنظّمات الدعوية ، ولجان التعليم والتربية في العالم الإسلامي وخارجه.
وفاته :
توفّي - رحمه اللّه - عقب نوبة قلبية مفاجئة عن السادسة والثمانين من عمره الحافل بالأعمال القيامة والماثر العظيمة ، والخدمات الجليلة في مجال الفكر والدّعوة والأدب يوم الجمعة في 23 من شهر رمضان المبارك عام 1420 ه
ص : 35
(وكان آخر يوم من شهر ديسمبر عام 1999 م) في مسقط رأسه «رائي بريلي».
(1/27)
صلّي عليه في أنحاء العالم الإسلامي صلاة الغائب ، وصلّى كذلك حوالي خمسة ملايين من المسلمين الوافدين من مختلف أصقاع العالم في الحرمين الشريفين في 27 رمضان بعد صلاة العشاء ، رحمه اللّه رحمة واسعة ، وتغمّده بها وأسكنه فسيح جنانه.
خلقه وخلقه :
كان - رحمه اللّه - نحيف البدن ، ونحيل العود ، نقيّ اللون ، وقورا مهيبا في غير عبوس أو فظاظة ، طلق الوجه دائم البشر ، نظراته عميقة نفاذة ، ونبراته دقيقة أخّاذة ، فيها بحة.
كان جمّ التواضع ، هادئا ، محبا للخير ، ودودا محبوبا من كافة الطبقات.
كان خير مثل للعالم ، الورع الخلوق ، الذي يضمر الخير للجميع ، كان مثالا في النزاهة ، والتواضع والجرأة النادرة في الدعوة إلى الإصلاح ، وفي الاستقامة ، والحرص على الحقّ.
كان عدوّا للمظاهر الكاذبة ، يتخفّف في ثيابه وطعامه وفراشه ، ويكره التكلّف والمجاملة الزائدة ، ولا يقيم للمال وزنا في حياته ، كانت ثقته بربّه فوق كلّ شيء ، وكانت مثابرته على النضال في سبيل ما يؤمن به مضرب الأمثال ، وإخلاصه العميق كان سرّ نجاحه ، بينما يفشل الآخرون.
كان دائم المطالعة ، حريصا على صحبة الكتاب في خلواته وأوقات فراغه ، وكان شديد الاهتمام والعناية بكتب السيرة - على صاحبها ألف ألف سلام - وبكتب السلف والتاريخ والأدب.
ص : 36
كان فصيح اللسان ، بليغ الكلام ، وكان يمتاز بتمكّن عجيب من اللغة العربية ، وتذوّق رفيع للأدب ، وكانت تراكيبه اللفظية تلفت السامع ، وتستهوي القلب ، وكان يغلب على أسلوبه العنصر العاطفي الملتهب ، ومع ذلك إذا طرق باب البحث أجاد وأفاد وأمتع.
كان شديد العبادة والاجتهاد في رمضان ، وكان يؤمّه مئات من الناس من أنحاء الهند ويصومون معه ويقومون ، ويتحوّل المكان الذي يقضي فيه رمضان إلى زاوية عامرة بالذكر والتلاوة ، والسهر والعبادة.
(1/28)
كان من أعظم آماله - رحمه اللّه - أن يرى الإسلام سائدا على الأرض ، وأن يرى الدول الباغية مقهورة حتى يسلّي نفسه ويستبشر ، ويرى انتقام اللّه من الذين حاربوا الإسلام وأذلّوا المسلمين.
مؤلّفاته :
للعلّامة الندوي - رحمه اللّه - مؤلّفات قيمة ، ورسائل ممتعة في السيرة ، والفكر ، والدّعوة ، والأدب ، والتراجم ، نذكر هنا ما هو الأشهر منها بالعربيّة :
1 - السيرة النبوية.
2 - الطريق إلى المدينة.
3 - سيرة خاتم النبيين صلّى اللّه عليه وسلّم (للمبتدئين).
4 - المرتضى (في سيرة سيدنا علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه).
5 - رجال الفكر والدّعوة في الإسلام (أربع مجلّدات).
6 - الداعية الكبير الشيخ محمد إلياس الكاندهلوي ودعوته إلى اللّه.
ص : 37
7 - شخصيات وكتب.
8 - ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين ؟!
9 - الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية.
10 - الإسلام وأثره في الحضارة وفضله على الإنسانية.
11 - إلى الإسلام من جديد.
12 - المسلمون وقضية فلسطين.
13 - روائع من أدب الدعوة في القرآن والسيرة.
14 - الأركان الأربعة في ضوء القرآن والسنة.
15 - العقيدة والعبادة والسّلوك.
16 - التربية الإسلامية الحرّة.
17 - المدخل إلى الدراسات القرآنية.
18 - المدخل إلى دراسات الحديث.
19 - ربّانية لا رهبانيّة.
20 - القاديانية والقادياني دراسة وتحليل.
21 - في مسيرة الحياة (ثلاثة أجزاء في سيرته الذاتية).
22 - مختارات من أدب العرب (مجلّدان).
23 - روائع إقبال.
24 - إذا هبّت ريح الإيمان.
25 - المسلمون في الهند.
26 - مذكّرات سائح في الشرق العربي.
ص : 38
27 - قصص النبيّين (للأطفال).
28 - قصص من التاريخ الإسلامي (للأطفال).
(1/29)
وللعلّامة غير هذه المؤلّفات والكتب - مئات المقالات والمحاضرات والبحوث في السيرة النبوية ، والفكر ، والدّعوة ، والأدب ، والتراجم وفي موضوعات مختلفة ، وقد جمعناها ونشرناها مصحّحة ومنقّحة في سلسلة «تراث العلّامة الندوي» فقد صدر منها حتى الآن :
1 - محاضرات إسلامية في الفكر والدّعوة (ثلاث مجلّدات).
2 - مقالات إسلامية في الفكر والدّعوة (مجلّدان).
3 - دراسات قرآنية.
4 - مقالات في السيرة النبوية.
5 - من أعلام المسلمين ومشاهيرهم.
6 - أبحاث في التعليم والتربية الإسلامية.
7 - أبحاث في الحضارة الإسلامية والتربية.
8 - بحوث في الاستشراق والمستشرقين.
9 - رحلات العلّامة أبي الحسن علي الحسني الندوي.
10 - مكانة المرأة في الإسلام.
11 - خطابات صريحة إلى الأمراء والرّؤساء.
12 - اسمعيّات «1».
___________
(1) من يريد الاستزادة من الاطلاع على حياته وشخصيته داعية ، ومفكّرا ، ومربّيا وأديبا يرجع إلى كتابنا «أبو الحسن علي الحسني الندوي الإمام المفكّر الداعية الأديب» (الطبعة الثالثة) طبع في دار ابن كثير بدمشق.
ص : 39
السّيرة النّبويّة للدّاعية الحكيم ، المفكّر الإسلاميّ الكبير للعلّامة السيد أبي الحسن علي الحسني النّدوي (1333 - 1420 ه) (1914 - 1999 م) تحقيق وتعليق سيّد عبد الماجد الغوريّ
ص : 41
روابط التنزيل
[URL="http://www.islamup.com/download.php?id=160088"]http://www.islamup.com/download.php?id=160088[/URL][/SIZE]