منتدى رائع للكتاب الالكتروني الإسلامي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الكتب الالكترونية الإسلامية


2 مشترك

    طلـــب (ترجمة لداود الظاهري)

    دآنة نجد
    دآنة نجد
    عضو جديد
    عضو جديد


    انثى عدد الرسائل : 5
    العمر : 32
    تاريخ التسجيل : 20/03/2010

    طلـــب  (ترجمة لداود الظاهري) Empty طلـــب (ترجمة لداود الظاهري)

    مُساهمة من طرف دآنة نجد مارس 21st 2010, 5:33 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    أخوانـي الأفــاضل..
    أخواتـي العزيزات..


    فـضلاً لا أمـراً،أريـد منـكم تـرجمة لداود بـن علـي الظـاهري
    ويـاحبـذا لـو تـذكـرون اسـم الـمرجـع الـذي أخذتـم منـه المعلومـة
    ولا أملـك إلا دعـوة فـي ظـهـر الـغـيـب لـمـن يـقـدم لـي هـذه الـخدمـة.

    جـزاكـم الله الـفردوس الأعلـى ..
    عادل محمد
    عادل محمد
    مدير المنتدى


    ذكر عدد الرسائل : 4032
    العمر : 77
    تاريخ التسجيل : 04/03/2008

    طلـــب  (ترجمة لداود الظاهري) Empty رد: طلـــب (ترجمة لداود الظاهري)

    مُساهمة من طرف عادل محمد مارس 21st 2010, 7:05 pm


    داود بن علي بن خلف، البغدادي المعروف بالأصبهاني (200 هـ - 270 هـ)، إمام مجتهد وفقيه, ومحدث يعتبر مؤسس وإمام أهل الظاهر. يكنى ب" أبي سليمان " واشتهر بهذه الكنية لكن اشتهاره باسمه داود بن علي أكثر من اشتهاره بها. نسب إلى أَصْبَهان، وهي مدينة لا تزال قائمة إلى الآن في إيران. هناك من يرى أن الإمام الكبير داود بن علي ليس من أصبهان، وإنما هو عراقي بغدادي، ونسبته لأصبهان؛ لأن أمه أصبهانية.
    سمع الحديث من
    1- سُليمان بن حَرْب الأزدي الواشِحي، البصري.
    2- عمرو بن مرزوق الباهلي، أبو عثمان البصري.
    3- عبد الله بن مسلمة بن قعنب، القَعْنَبِي الحارثي، أبوعبدالرحمن البصري.
    4- محمد بن كثير العَبْدي، البصري.
    5-مُسَدَّد بن مُسَرْهَدٍ بن مُسَرْبل بن مُسْتَورِد الأسدي، البصري، أبو الحسن.
    6ـ مصعب بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزُّبَيْر بن العوام الأسدي، أبو عبد الله الزبيري المدني، نزيل بغداد.
    6- إسحاق بن إبراهيم بن مَخْلَد الحَنْظَليُّ، أبو محمد بن راهَوَيْه المَرْوَزيُّ.
    7-إبراهيم بن خالد بن أبي اليَمَان الكَلْبي، أبو ثَوْر الفقيه.
    8- عُبيدالله بن عمر بن ميسرة القَوَارَيْري أبو سعيد البصري، نزيل بغداد.
    9- أبومحمد يحيى بن أَكْثَم بن محمد بن قَطَن التميمي، المروزي، أبو محمد القاضي المشهور.
    10- زُهَيْر بن حَرْب بن شداد، أبو خَيْثَمة النَّسائي، نزيل بغداد.
    11-سويد بن سعيد بن سَهْل الهَرَويُّ الأصل، ثم الحَدثاني.
    12ـ يحيى بن مَعِين بن عَوْن الغَطَفَاني مولاهم، أبو زكريا البغدادي.
    13ـالحارث بن سريج النقال.
    14ـحسين بن علي الكرابيسي.
    15ـأبو جعفر المعروف بخياط السُّنة.
    16ـ محمد بن زياد، أبو عبد الله مولى بني هاشم، يُعْرف بابن الأعرابي صاحب اللغة.
    17ـ محمد بن عبد الله بن نُمَيْر الهَمْداني، الكوفي.
    19ـ عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، أبو بكر بن أبي شيبة الكوفي.
    20ـ عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي، أبو الحسن بين أبي شيبة الكوفي. وطبقتهم.
    ارتحل إلى إسحاق بن راهَويه، وسَمِعَ منه " المُسْنَد " و" التفسير "، وناظر عنده، قال ابن الجوزي: وكان يرد إلى إسحاق وما كان أحد يتجاسر عليه يرد عليه غيره (المنتظم : 12/ 236).
    حدث عنه الحديث
    1- ابنُه أبو بكر محمدُ بن داود.
    2-زكريا السَّاجي.
    3-يوسف بن يعقوب الدَّاوودِي.
    4-عباس بن أحمد المُذَكِّر
    5ـمكحول بن الفضل.
    6-كنيز بن عبد الله أبوعلي الخادم.
    7-محمد بن المنذر بن سعيد النيسابوري.
    8-أبو المنير سهل بن عبد الصمد الرقي.
    9 ـ أبو إسحاق إبراهيم بن محمود بن حمزة النيسابوري المالكي.
    10-الحسن بن سفيان النسوي.
    11-محمد بن جعفر.
    12-أبو تراب عبد الله بن القاسم البصري.
    13-نِفْطَوَيْه.
    15ـ عباس بن أحمد الواعظ.
    16ـ أبو عبيد المحاملي.
    17ـ حسين بن إدريس.
    18ـ أبو عيسى يوسف بن يعقوب بن مهران الانماطي.
    19ـ يحيى بن أكثم.
    20ـ أبو تراب علي بن عبد الله بن القاسم البصري.
    21ـ محمد بن خَلَف بن حَيَّان بن صدقه بن زياد، أبو بكر الضبي القاضي المعروف بوكيع.
    22ـ محمد بن جرير بن يزيد، أبو جعفر الطبري
    ثناء العلماء عليه
    وقد أثنى عليه ـ رضي الله عنه ـ عدد من الأئمة الأعلام، وأفاضوا عليه بالثناء الجزيل، والذكر الجميل، وسنذكر بعض ما ورد في كتب التراجم مما يبين منزلته بين علماء زمانه، ومن ذلك:
    ـ قال مسلمة بن قاسم : كان داود من أهل الكلام والحجة والاستنباط لفقه الحديث، صاحب أوضاع، ثقة إن شاء الله تعالى.
    ـ وقال النَدِيم: وكان فاضلاً صادقاً ورعاً.
    ـ وقال الحاكم: ثقة.
    ـ وقال الخطيب البغدادي: كان إماماً ورِعاً، ناسكاً، وفي كتبه حديث كثير، لكن الرواية عنه عَزِيزَةٌ جداً
    ـ وقال ابن خلكان: الإمام المشهور المعروف بالظاهري كان زاهداً متقللاً كثير الورع، وكان من أكثر الناس تعصباً للإمام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ وصنف في فضائله، والثناء عليه كتابين، وكان صاحب مذهب مستقل، وتبعه جمع كثير يُعرفون بالظاهرية.
    ـ وقال السمعاني: وهو إمام أهل الظاهر، وكان ورعاً ناسكاً زاهداً.
    ـ وقال النووي: فضائل داود، وزهده، وورعه، ومتابعنه للسنة مشهورة.
    ـ وقال الصّفَدي: كان زاهداً متقلِّلاً كثير الورع...وكان من أكثر الناس تعصُّباً للشافعي، وصنَّف في فضائله والثناء عليه كتابين، وكان صاحب مذهب مستقل وتبعه جمع كثير من الظاهرية... وانتهت إليه رئاسة العلم ببغداد. قيل إنه كان يحضر مجلسه أربعمائة صاحب طيلسان أخضر، وكان من عقلاء الناس.
    ـ وقال شمس الدين محمد بن علي الدّاوودي: الإمام الحافظ المجتهد الكبير... كان إماماً فاضلاً صادقاً ورعاً.
    ـ وقال أبو إسحاق الشِّيرازي: كان زاهداً متقلّلاً، وقال أبو العباس: كان داود عقلُه أكثر من علمه. وانتهت إليه رياسة العلم ببغداد.
    ـ وقال القاضي المَحامِلي: رأيت داود بن علي يصلي، فما رأيت مسلماً يشبهه في حسن تواضعه.
    ـ وقال ابن عبد الهادي: الحافظ المجتهد، فقيه أهل الظاهر... صنَّف التصانيف وكان بصيراً بالحديث صحيحه وسقيمه
    ـ وقال الذهبي في " السير ": الإمامُ، البحرُ، العلامة، عالمُ الوقت... رئيس أهل الظاهر... بصيرٌ بالفقه، عالمٌ بالقرآن، حافظٌ للأثر، رأسٌ في معرفة الخلاف، من أوعيةِ العلمِ، له ذكاءٌ خارقٌ، وفيه دِينٌ متينٌ.
    ـ وقال أيضاً في " التذكرة ": الحافظ، الفقيه، المجتهد... صنف التصانيف، وكان بصيراً بالحديث وصحيحه وسقيمه.
    ـ وقال أيضاً في " العبر " : كان زاهداً ناسكاً.
    ـ وقال أبو العباس أحمد بن محمد بن مُفرج الأشبيلي النباتي: وداود بن علي ثقة، فاضل إمام من الأئمة لم يذكره أحدٌ بكذب ولا تدليس في الحديث.
    ـ وقال ابن الوردي: إمام أصحاب الظاهر... وكان إماماً مجتهداً ورعاً أخذ هو وأصحابه بظاهر الآثار والأخبار وأعرضوا عن التأويل.
    ـ وقال السيوطي: صنّف التصانيف، وكان بصيراً بالحديث صحيحه وسقيمه، إماماً ورعاً ناسكاً زاهداً. كان في مجلسه أربعمائة صاحب طَيْلَسان أخضر.
    ـ وقال السبكي: وكان أحد أئمة المسلمين وهداتهم... وقد كان موصوفاً بالدين المتين.
    ـ وقال أيضاً: كان جبلاً من جبال العلم والدين له من سداد الرأي والنظر ونور البصيرة ما يعظم وقعة.
    ـ وقال العماد الحنبلي: الإمام الفقيه... وكان ناسكاً زاهداً... وكان داود حافظاً مجتهداً إمام أهل الظاهر.
    ـ وقال خير الدِّين الزركلي: أحد الأئمة المجتهدين في الإسلام.
    ـ وقال الألباني: الفقيه، إمام أهل الظاهر، وهو صدوق ثقة، فاضل.
    ـ وقال نور الدّين عتر: ثقة في الحديث.
    ـ وقال ابن أبي حاتم: صدوق في روايته ونقله واعتقاده، إلا أن رأيه أضعف الآراء وابعدها من طريق الفِقْهِ وأكثرها شذوذاً. قال أبوعبدالرحمن: قوله (إلا أن رَأْيه أضعف الآراء وأبعدها من طريق الفِقْه وأكثرها شذوذاً) دعوى بلا دليل وما كان هكذا فهو ساقط بيقين لبرهانين:
    أحدهما : قوله تعالى (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) فصح: أن كل من لا برهان له فينبغي التأني في دعواه.
    والثاني: أنه لا يعجز مخالفك عن أن يدعي كدعواك. فيقول : أن رأيه أصح الآراء وأقربها من طريق الفِقْه وأقلها شذوذاً. وهذا ما ألمح إليه الإمام السلفي الأثري الشوكاني اليماني بقوله عن الظاهرية: ولا عيب لهم إلا ترك العمل بالآراء الفاسدة التي لم يدل عليها كتاب وسنة ولا قياس مقبول (وتلك شكاة ظاهر عنك عارها)نعم قد جمدوا في مسائل كان ينبغي لهم ترك الجمود عليها ولكنها بالنسبة إلى ما وقع في مذاهب غيرهم من العمل بما لا دليل عليه البتة قليلة جداً.
    وقال الإمام ابن قيم الجوزية في إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان (1/ 570) في معرض رده على من أدعى الإجماع في ايقاع الطلاق الثلاث بلفظ واحد : " أن هذا مذهب أهل الظاهر ـ داود وأصحابه ـ، وذَنْبهم عند كثير من الناس: أخذُهم بكتاب ربهم وسنّة نبيهم، ونبذُهم القياسَ وراء ظهورهم، فلم يعبأوا به شيئاً ".
    ويبطل قول ابن أبي حاتم وينسفه من أصله ما قاله قاسم بن أصبغ الحافظ : ذاكرتُ ابن جرير الطبري، وابن سريج في كتاب ابن قتيبة في الفقه، فقالا: ليس بشيء، فإذا أردتَ الفقهَ، فكُتُب أصحاب الفقه، كالشافعي، وداود، ونُظرائِهما. ثم قالا: ولا كتب أبي عُبَيْد في الفقه، أما ترى كتابه في " الأموال "، مع أنه أَحْسَنُ كُتُبِه ؟ قلت: لا شك ولا ريب أن كلام ابن جرير وابن سريج مقدم على كلام ابن أبي حاتم؛ لإنهما إمامان من أئمة الفقه والاجتهاد.
    قال الإمام ابن حزم ـ رضي الله عنه ـ وما أجمل ماقال: وإذا خالف واحد من العلماء جماعة فلا حجة في الكثرة؛ لأن الله تعالى يقول ـ وقد ذكر أهل الفضل ـ : (وقليل ما هم) وقال تعالى: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر)، ومنازعة الواحد منازعة توجب الرد إلى القرآن والسنة. ولم يؤمر الله تعالى قط بالرد إلى الأكثر. والشذوذ هو خلاف الحق ولو أنهم أهل الأرض لا واحد.
    قال أبوعبدالرحمن: ما خالف فيه أهل الظاهر غيرهم فيجب رده إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وهما اللذان يحكمان ببطلانه حال عرضه ورده.
    ـ وقال الأزدي: لا يقنع برأيه ولا بمذهبه تركوه.
    قلت: الأزدي هو: أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي الموصلي، ولا عبرة بقوله، لأنه هو ضعيف، فكيف يعتمد عليه في تضعيف الثقات، قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح (ص 409): " والأزدي لا يعتمد إذا انفرد فكيف إذا خالف ".
    قال الذهبي في " الميزان " (1/ 61) :" لا يلتفت إلى قول الأزدي؛ فإن في لسانه في الجرح رهقاً ".
    وقال أبوزرعة العراقي في البيان والتوضيح (ص 63): والأزدي يطلق لسانه في الجرح كثيراً ويجازف في ذلك، قد تكلم فيه بعض أئمة النقد فلا ينبغي أن يرجع إلى قوله في المحكوم بثقتهم.
    وقال المعلمي في " التنكيل " (ص712):" فأما أبو الفتح محمد بن الحسين الأزدي، فليس في نفسه بعمدة حتى لقد اتهموه بوضع الحديث ".
    وقد تعقبه الإمام الكبير أبو العباس أحمد الإشبيلي النباتي في " الحافل " بقوله: ما ضر داود تَرْكُ تارك مذهبه من ورائه، فرأي كل أحد ومذهبه متروك إلا أنْ يَعْضُده قُرآن أو سُنَّة، وداود بن علي ثِقَة، فاضل، إمام من الأئمة لم يَذْكره أَحَدٌ بِكَذِبٍ ولا تَدْلِيسٍ في الحديث تعالى.
    المآخذ التي أخذت على الإمام
    • 1ـ قوله : القرآن مُحْدَث.
    وإن كان داود وأبو معاذ وغيرهما لم يريدوا بقولهم إنه مُحْدَثٌ أنه بائن عن الله كما يريد الذين يقولون إنه مخلوق، بل ذهب داود وغيره، ممن قال إنه مُحْدَثٌ وليس بمخلوق من أهل الإثبات أنه هو الذي تكلم به، وأنه قائم بذاته ليس بمخلوق منفصل عنه.
    قال أبوعبدالرحمن : أترك الدفاع عن الإمام دواد بن علي الأصبهاني البغدادي الظاهري ـ تعالى ـ لشيخ الإسلام ابن تيمية فقد قال في " مجموع الفتاوى " (5/ 532) :
    " وهل يسمى مُحْدَثاً ؟ على قولين لهم. ومن كان من عادته أنه لا يطلق لفظ المُحْدَث إلا على المخلوق المنفصل ـ كما كان هذا الاصطلاح هو المشهور عند المتناظرين الذين تناظروا في القرآن في محنة الإمام أحمد، وكانوا لا يعرفون للمُحْدَثِ معنى إلا المخلوق المنفصل ـ فعلى هذا الاصطلاح لا يجوز عند أهل السنة أن يقال القرآن مُحْدَث، بل من قال إنه مُحْدَث فقد قال إنه مخلوق.
    ولهذا أنكر الإمام أحمد هذا الإطلاق على داود لما كُتِبَ إليه أنه تكلّم بذلك؛ فظن الذين يتكلمون بهذا الاصطلاح أنه أراد هذا فأنكره أئمة السنة. وداود نفسه لم يكن هذا قصده، بل هو وأئمة أصحابه متفقون على أن كلام الله غير مخلوق، وإنما كان مقصوده أنه قائم بنفسه؛ وهو قول غير واحد من أئمة السلف، وهو قول البخاري وغيره.
    والنزاع في ذلك بين أهل السنة لفظي؛ فإنهم متفقون على أنه ليس بمخلوق منفصل، ومتفقون على أن كلام الله قائم بذاته، وكان أئمة السنة: كأحمد وأمثاله، والبخاري وأمثاله، وداود وأمثاله، وابن المبارك وأمثاله، وابن خزيمة، وعثمان بن سعيد الدارمي، وابن أبي شيبة وغيرهم؛ متفقين على أن الله يتكلم بمشيئته وقدرته؛ ولم يقل أحد منهم أن القرآن قديم؛ وأول من شهر عنه أنه قال ذلك هو ابن كلاب ".
    وقال شيخ الإسلام في موضع آخر من " مجموع الفتاوى " (6/ 160ـ 161) :
    وأما قول القاضي ـ أبو يعلى ـ إن هذا قول بحدوثه، فيجيبون عنه بجوابين:
    (أحدهما) : ألا يسمى مُحْدَثاً وإنما يسمى حَدِيثاً؛ إذ المُحْدَث هو المخلوق المنفصل، وأما الحَدِيث فقد سماه الله حَدِيثاً، وهذا قول الكرامية، وأكثر أهل الحديث، والحنبلية.
    (والثاني): أنه يسمى مُحْدَثاً، كما في قوله : (مِْن ذِكْرٍ مِْن رَّبهِم مُحْدَثٍ) وليس بمخلوق. وهذا قول كثير من الفقهاء، وأهل الحديث والكلام، كدواد بن علي ـ صاحب المذهب ـ لكن المنقول عن أحمد إنكار ذلك وقد يحتج به لأحد قولي أصحابنا.
    والإطلاقات قد توهم خلاف المقصود، فيقال: إن أردت بقولك مُحْدَث أنه مخلوق منفصل عن الله ـ كما يقوله الجهمية، والمعتزلة، والنجارية ـ فهذا باطل لا نقوله؛ وإن أردت بقولك : أنه كلام تكلم الله به بمشيئته، بعد أن تكلم به بعينه ـ وإن كان قد تكلم بغيره قبل ذلك، مع أنه لم يزل متكلماً إذا شاء فإنا نقول بذلك. وهو الذي دل عليه الكتاب والسنة، وهو قول السلف، وأهل الحديث؛ وإنما ابتدع القول الآخر الكُلابية، والأشعرية؛ ولكن أهل هذا القول لهم قولان:
    (أحدهما) : أنه تكلم بعد أن لم يكن متكلماً؛ وإن كان قادراً على الكلام، كما أنه خلق السموات والأرض، بعد إن لم يكن خلقهما، وإن كان قادراً على الخلق. وهذا قول الكرامية وغيرهم ممن يقول إنه تحله الحوادث، بعد إن لم تكن تحله، وقول من قال: إنه مُحْدَث يحتمل هذا القول، وإنكار أحمد يتوحه إليه.
    (والثاني): إنه لم يزل متكلماً يتكلم إذا شاء، وهذا هو الذي يقوله من يقوله من أهل الحديث ".
    وقال أيضاً شيخ الإسلام ابن تيمية في مكان آخر من " مجموع الفتاوى " (12/ 177) :
    " وأما قوله : وقوم ذهبوا إلى أنه حادث بالصوت والحرف ـ وهو الجهمية ـ فهو كلام من لا يعرف مقالات الناس. فإن الجهمية يقولون: إن الله لا يتكلم، وليس له كلام، وإنما خلق شيئاً فعبر عنه، ومنهم قال : إنه يتكلم بكلام يخلقه في غيره، وهو قول المعتزلة.
    وأما الكرامية فتقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق، وهو متكلم به بحرف وصوت. ويقولون مع ذلك: إنه حادث قائم به وهم ليسوا من الجهمية؛ بل يردون عليهم أعظم الرد، وهم أعظم مباينة لهم من الأشعرية. ويقولون مع ذلك: إن القرآن حادث في ذات الله.
    ثم من هؤلاء من يقول: إن كلام الله كله حادث ومنهم من لا يقول ذلك، وهذا القول معروف عن أبي معاذ التومني، وزهير البابي، وداود بن علي الأصبهاني، بل والبخاري صاحب الصحيح وغيره، وطوائف كثيرة يذكر عنهم هذا، فليس كل من قال: إنه حادث كان من الجهمية، ولا يقول أنه مخلوق ".
    وقال ـ أيضاً ـ في " الفتاوى الكبرى " (5/ 84):
    " وذكر أن محمد بن شجاع إمام الوقف هو وأصحابه الذين لا يقولون القرآن مخلوق ولا غير مخلوق يطلقون عليه أنه محدث، بمعنى أنه أحدثه في غيره، وهو معنى قول من قال إنه مخلوق ليس بينهما فرق إلا في اللفظ، وقد سلك هذا المسلك طوائف من أهل البدع من الرافضة وغيرهم، يقولون هو مُحْدَثٌ مجعول ولا يقولون هو مخلوق، ويزعمون أن لفظ الخلق يحتمل المفتري، وهم في المعنى موافقون لأصحاب المخلوق.
    وقد وافقهم على الترادف طوائف الكلابية والأشعرية وطوائف من أهل الفقه والحديث والتصوف، يقولون المُحْدَث هو المخلوق في غيره لا يسمون مُحْدَثاً إلا ما كان كذلك، فهؤلاء كلهم يقولون من قال إنه مُحْدَثٌ كان معنى قوله إنه مخلوق ولزمه القول بأنه مخلوق فهو أحد الوجهين للإنكار على داود الأصبهاني وغيره ممن قال إنه مُحْدَثٌ وأطلق القول بذلك وإن كان داود وأبو معاذ وغيرهما لم يريدوا بقولهم إنه مُحْدَثٌ أنه بائن عن الله كما يريد الذين يقولون إنه مخلوق، بل ذهب داود وغيره، ممن قال إنه مُحْدَثٌ وليس بمخلوق من أهل الإثبات أنه هو الذي تكلم به، وأنه قائم بذاته ليس بمخلوق منفصل عنه. ولعل هذا كان مستند داود في قوله لعبدالله أحب أن تعذرني عنده، وتقول له ليس هذا مقالتي أو ليس كما قيل لك، فإنه قد يكون قصد بذلك أني لا أقول إنه مُحْدَثٌ بالمعنى الذي فهموه وأفهموه وهو أنه مخلوق، وليس هذا مذهبي، ولم يقبل أحمد قوله لأن هذا القول منكر، ولو فسره بهذا التفسير لما ذكرناه ولأنه أنكر مطلقاً فلم يقربا للفظ الذي قاله وقد قامت عليه البينة به فلم يقبل إنكاره بعد الشهادة عليه ".
    • 2ـ قوله عن القرآن : أما الذي في اللوح المحفوظ: فغير مخلوق، وأما الذي هو بين الناس: فمخلوق.
    سئل عن القرآن فقال: القرآن الذي قال الله نعالى : (لا يمسه إلا المطهرون) وقال : (في كتاب مكنون) غير مخلوق، وأما الذي بين أظهرنا يمسه الحائض والجنب فهو مخلوق. هذا الإسناد فيه نظر, قال الدار قطني: ضعيف.
    قال الخطيب البغدادي في " تاريخ بغداد " (8/ 347): أخبرني الأزهري، حدثنا محمد بن حميد اللخمي، حدثنا القاضي ابن كامل ـ إملاء ـ قال: حدثني أبو عبد الله الوراق المعروف بجوار، قال : كنتُ أورق على داود الأصبهاني، وكنتُ عنده يوماً في دهليزه مع جماعة من الغرباء، فسئل عن القرآن فقال : القرآن الذي قال الله نعالى : (لا يمسه إلا المطهرون) وقال : (في كتاب مكنون) غير مخلوق، وأما الذي بين أظهرنا يمسه الحائض والجنب فهو مخلوق.
    هذا الإسناد فيه نظر، وهاك البيان: وراق دواد هو : الحسين بن عبد الله بن شاكر، أبو علي السَّمَرْقَنْدِيّ.
    قال عنه الإدْرِيسي: كان فاضلاً ثقة، كثير الحديث، حسن الرواية.
    وقال الدار قطني: ضعيف.
    قلتُ: الإدريسي اسمه عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله الإدريسي الإسْتِرباذي وهو مع جلالة قدره وثقته ليس معروفاً في النقد كالإمام الكبير الدارقطني صاحب أحفل كتاب في " العلل "، فكلامه هو المقدم.
    ومما يدل على ضعفه ما جاء في " لسان الميزان " (2/ 537ـ 538) :
    " وقد أخرج أبو عوانة في " صحيحة " عن مسرور بن نوح، عن إبراهيم بن المنذر، عن عبد الرحمن بن المغيرة، عن مالك، عن مخرمة بن بكير، عن أبيه، عن بُسر بن سعيد، عن أبي سعيد عن أبي موسى في " الاستئذان " وقال: تفرد به مسرور بن نوح.
    وأخرجه الدارقُطْني في " الغرائب " عن محمد بن جعفر المطيري، عن الحسين بن عبد الله بن شاكر السَّمَرْقَنْدِي، عن إبراهيم بن المنذر فيقال: إن الحسين سرقه من مسرور.
    وأخرج أبو موسى المديني في كتابه " النَضْح الجلي "، عن الشافعي من طريق الحسين بن عبد الله عن أبي بكر الأثرم، عن أحمد حكاية فيها أن أحمد قال: كنت أجالسه يعني الشافعي هنا كثيراً، فلما قدم مصر تغير وجاء بالتأويل والرأي. وقال الحسين بن عبد الله : لا أعرفه والثابت عن أحمد خلاف ذلك رواه ابن أبي حاتم عن ابن وارة، عن أحمد أنه أمره بكتب الشافعي، فأظن أنه السمرقندي المذكور، وإلا فهو آخر مجهول ".
    (تاريخ بغداد : 8/ 58 ـ 59، تاريخ دمشق : 14/ 86ـ 88، المغني في الضعفاء : 1/ 255، لسان الميزان : 2/ 537ـ 538).
    • أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة، أبو بكر القاضي.
    قال أبو الحسن بن رزقويه: لم تر عيناي مثله. وقال الخطيب البغدادي: كان من العلماء بالأحكام، وعلوم القرآن، والنحو، والشعر، وأيام الناس، وتواريخ أصحاب الحديث، وله مصنفات في أكثر ذلك. وقال الدارقطني: كان متساهلاً، وربما حدث من حفظه بما ليس عنده في كتابه، وأهلكه العجب فإنه كان يختار ولا يضع لأحد من العلماء الأئمة أصلاً. قال أبوعبدالرحمن: فمن كان هذا حاله فينبغي أخذ الحيطة والحذر من مروياته وعدم التعويل عليه في ذلك لا سيما فيما يحكيه عن الأئمة الكبار. وقال أبو سعد: كان جريري المذهب. قلتُ: أي نسبة إلى مذهب الإمام العظيم ابن جرير الطبري صاحب التفسير. قال أبو الحسن: بل خالفه واختار لنفسه وأملى كتاباً في السير وتكلم على الأخبار.
    (تاريخ بغداد : 4/ 358ـ 359).
    • محمد بن حُمَيْد، أبو بكر اللخمي الخزَّاز.
    قال عنه الأزهري: كان ثقة. وقال عنه مرة : كان ضعيفاً.
    (تاريخ بغداد : 2/ 265ـ 266).
    • الأزهري هو : عُبيدالله بنُ أحمد بن عثمان، أبو القاسم الأَزْهري البغدادي الصَّيْرفي، ابنُ السَّوَادي، وهو عبيدالله بنُ أبي الفتح.
    قال عنه الخطيب : كان أحد المكثرين من الحديث كتابةً وسماعاً، ومن المعنيين به، والجامعين له، مع صدق وأمانة، وصحة واستقامة، وسلامة مذهب، وحسن معتقد ودوام درس للقرآن، وسمعنا منه المصنفات الكبار، والكتب الطوال.
    قال الذهبي: المحدثُ الحجَّةُ المُقرئ... كان من بحور الرواية.
    (تاريخ بغداد : 10/ 358، المنتظم : 15/ 290 ـ 291، سير أعلام النبلاء : 17/ 578).
    قال أبوعبدالرحمن: بعد هذا يتضح ليّ ضعف هذا الإسناد، وأنه لا تقوم بمثله الحجة وبالله تعالى التوفيق.
    قلت: وعلى افتراض صحة ذلك عن داود " كأنه يريد بالذي في أيدي الناس ما يتلونه بألسنتهم ويكتبونه بايديهم، ولا شك أن المداد والورق والكاتب والتالي وصوته كل مخلوق، وأما كلام الله سبحانه وتعالى فإنه غير مخلوق قطعاً (3).
    • 3_ قوله : لفظي بالقرآن مخلوق.
    قلت: أترك الجواب للإمام الذهبي ـ فقد قال في " ميزان الإعتدال " (1/ 544) في ترجمة الحسين بن علي الكَرَابيسي بعدما ذكر قوله : " القرآن كلام الله غير مخلوق، ولفظي به مخلوق ". فتعقبه الذهبي قائلاً : " فإن عني التلفظ فهذا جيد، فإن أفعالنا مخلوقة، وإن قصد الملفوظ بأنه مخلوق، فهذا الذي أنكره أحمد والسلف وعدّوه تجهماً ".
    وقال ـ أيضاً ـ في " السير " (12/ 82) في آخر ترجمة حسين بن علي الكرابيسي :
    " ولا ريب أن ما ابتدعه الكرابيسي، وحرَّره في مسألة التلفظ، وأنه مخلوق هو حقٌ، لكن أباه الإمام أحمد لئلا يُتَذَرعَ به إلى القول بخلق القرآن، فسُدَّ الباب، لأنك لا تقدر أن تفرز التلفظ من الملفوظ الذي هو كلام الله إلا في ذهنك " أ.ه.
    قال أبوعبدالرحمن: بل جاء عن الإمام أحمد قوله: من قال لفظي بالقرآن مخلوق ـ يريد به القرآن ـ فهو جهمي. وجاء أيضاً عن عبد الله بن الإمام أحمد عنه قال: سألت أبي: ما تقول في رجل قال: التلاوة مخلوقة، وألفاظنا بالقرآن مخلوقة، والقرآن كلام الله ليس بمخلوق ؟ قال هذا كلام الجهمية...
    قلت : ففعل الإمام أحمد ـ تعالى ـ كما في الرواية الثانية حسماً للمادة، وإلا فالملفوظ كلام الله، والتلفظ به فمن كسبنا.
    وتخريج هاتين الروايتن انظر " مختصر العلو للعلي الغفار " (209ـ 211).
    قال البيهقي في " الأسماء " (2/ 20) بعد تخريجه الرواية الأولى بإسناد صحيح:
    " قلت : هذا تقييد حفظه عنه ابنه أحمد، وهو قوله : " يريد به القرآن "، فقد غفل عنه غيره ممن حكى عنه في اللفظ خلاف ما حكينا حتى نسب إليه ما تبرأ منه فيما ذكرنا ".
    قال الإمام الألباني معلقاً على كلام البيهقي في " مختصر العلو " (211) :
    " قلت : وفي قوله " فقد غفل عنه غيره... " نظر، لأن حقيقة الأمر أن الإمام أحمد كان يطلق ذلك في كثير من الأحيان، وممن روى ذلك عنه ابنه عبد الله نفسه كما يأتي في الكتاب، وكذا أبو داود كما سأبينه قريباً فهل يجوز أن ينسبا إلى الغفلة ؟ فالحق أن أحمد أطلق غالباً، فحفظه عنه جمع، وقيد مرة بياناً ودفعاً لما قد يتوهم من الإطلاق أن نطقنا بالقرآن ليس من أفعالنا، وهذا خلاف ما هو مقرر عند أهل السنة أن أفعال العباد ـ ومنها النطق ـ مخلوقة كما شرحه الإمام البخاري تعالى في كتابه " خلق أفعال العباد " بأدلة قاطعة من الكتاب والسنة، وأقوال السلف. فبين الإمام أحمد بهذا القيد أنه لا يعني نطق التالي، فإنه مخلوق، وإنما يريد كلام الله تعالى، وبهذا يتفق الإمام مع تلميذه البخاري الذي كان يفرق بين التلاوة والمتلو، كما حكاه البهقي وغيره، وقال : " ومسلم بن الحجاج تعالى كان يوافق البخاري في التفصيل ".
    من باب الايضاح والبيان أذكر هذه الواقعة التي تدلل على أن التلميذ أحياناً لا يعي ما يقول الأستاذ أو الشيخ هذا إذا كان صدوقاً فكيف إذا كان متكلماً فيه. فقد أورد الحافظ الذهبي في " السير " (13/ 288) الحكاية التالية قال :
    " وقال صالح بن أحمد : تناهى إلى أبي أنَّ أبا طالب يحكي أنه يقول : لفظي بالقرآن غير مخلوق، فأخبرت أبي، فقال: من حدثك ؟ قلتُ: فلان، قال: ابعثْ إلي أبي طالب، فوجهتُ إليه، فجاء، وجاء فوران. فقال له أبي: أنا قلت لك: لفظي بالقرآن مخلوق ؟! وغضب وجعل يرعد، فقال: قرأت عليك: (قل هو الله أحدٌ). فقلتَ لي: ليس هذا بمخلوق. قال: فَلِمَ حكيت عني أني قلتُ: لفظي بالقرآن غيرُ مخلوق ؟ وبلغني أنَّك كتبت بذلك إلى قوم فامْحُه، واكتب إليهم أني لم أقله لك. فجعل فوران يعتذرُ إليه. فعاد أبو طالب. وذكر أنه حكى ذلك. وكتب إلى قوم يقول: وهِمْتُ على أبي عبد الله ".
    قال الإمام الذهبي معلقاً على ما حكاه أبو طالب على الإمام أحمد ـ ـ فقال:
    " قلتُ : الذي استقر الحال عليه أن أبا عبد الله كان يقول: من قال: لفظي بالقرآن غيرُ مخلوق، فهو مبتدع، وأنه قال: من قال لفظي بالقرآن مخلوق، فهو جهمي، فكان لا يقول هذا ولا هذا، وربما أوضح ذلك، فقال : من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، يريد به القرآن فهو جهمي ".
    ونتحفكم بكلمة أخرى للإمام الذهبي حول هذا الموضوع من كتابه العجاب " سير أعلام النبلاء " (13/ 101) :
    " فالقرآن العظيم، حروفه ومعانيه وألفاظه كلامُ رب العالمين، غير مخلوق، وتَلَفُّظُنا به وأصواتنا به من أعمالنا المخلوقة، قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ " زينوا القرآن بأصواتكم ". ولكن لمَّا كان الملفوظ لا يستقِل إلا بتلفظنا، والمكتوب لا ينفك عن كتابةٍ، والمتلوا لا يُسْمع إلا بتلاوةِ تالٍ، صعب فهم المسألة، وعسر إفراز اللفظ الذي هو الملفوظ من اللفظ الذي يُعنى به التلفظ، فالذهن يعلمُ الفرق بين هذا وبين هذا، والخوض في هذا خطر. نسأل الله السلامة في الدين. وفي المسألة بحوثٌ طويلة، الكف عنها أولى، ولاسيما في هذه الأزمنة المُزْمنة ".
    ويجدر بنا أن ننقل كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ ـ ليضع القارىء على حقيقة الخلاف بين أئمة الحديث في لفظ القارىء للقرآن، قال ـ وما أجمل ما قال ـ :
    " وكان أهل الحديث قد افترقوا في ذلك فصار طائفة منهم يقولون: لفظنا بالقرآن غير مخلوق، ومرادهم: أن القرآن المسموع غير مخلوق، وليس مرادهم: صوت العبد، كما يذكر ذلك عن أبي حاتم الرازي ومحمد بن داود المصيصي وطوائف غير هؤلاء. وفي أتباع هؤلاء من قد يدخل صوت العبد أو فعله في ذلك أو يقف فيه، ففهم ذلك بعض الأئمة فصار يقول: أفعال العباد أصواتهم مخلوقة رداً لهؤلاء، كما فعل البخاري ومحمد بن نصر المروزي وغيرهما من أهل العلم والسنَّة، وصار يحصل بسبب كثرة الخوض في ذلك ألفاظ مشتركة، وأهواءٌ للنفوس حصل بسبب ذلك نوعٌ من الفرقة والفتنة.
    وحصل بين البخاري وبين محمد بن يحيى الذهلي في ذلك ما هو معروف، وصار قوم مع البخاري كمسلم بن الحجاج ونحوه، وقوم عليه كأبي زرعة وأبي حاتم وغيرهما، وكل هؤلاء من أهل العلم والسنَّة والحديث، وهم من أصحاب أحمد بن حنبل، ولهذا قال ابن قتيبة: إن أهل السنة لم يختلفوا في شيء من أقوالهم إلا في مسألة اللفظ.
    وصار قوم يطلقون القول بأن التلاوة هي المتلو، والقراءة هي المقروء وليس مرادهم بالتلاوة المصدر ولكن الإنسان إذا تكلم بالكلام فلا بدَّ له من حركة، ومما يكون عن الحركة من أقواله التي هي حروف منظومة ومعان مفهومة.
    والقولُ والكلام يراد به تارة المجموع فتدخل الحركة في ذلك ويكون الكلام نوعاً من العمل وقسماً منه، ويراد به تارة ما يقترن بالحركة ويكون عنها لا نفس الحركة فيكون قسيماً للعمل ونوعاً آخر ليس هو منه.
    ولهذا تنازع العلماء في لفظ العمل المطلق هل يدخل فيه الكلام على قولين معروفين لأصحاب أحمد وغيرهم، وبنوا على ذلك ما إذا حلف لا يعمل اليوم عملاً فتكلم هل يحنث ؟ على قولين : وذلك لأن لفظ الكلام قد يدخل في العمل وقد لا يدخل،
    فالأول : كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا تحاسد إلا في اثنين : رجل آتاه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار، فهو يقول : لو أوتيت مثل ما أوتي هذا لعملت مثل ما يعمل " كما أخرجه الشيخان في الصحيحين (4)، فقد جعل فعل هذا الذي يتلوه آناء الليل والنهار عملاً كما قال : " لعملت فيه مثل ما يعمل ".
    والثاني : كما في قوله تعالى : (إليه يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ والعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)
    ] فاطر : 10 [ وقوله تعالى : (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إلَّا كُنَّا إذ تُفِيضُونَ فِيهِ) ] يونس : 61 [.
    فالذين قالوا التلاوة هي المتلو من أهل العلم والسنة قصدوا أن التلاوة هي " القول والكلام والمتلو ".
    وآخرون قالوا " بل التلاوة غير المتلو والقراءة غير المقروء، والذين قالوا ذلك من أهل السنة والحديث أرادوا بذلك أن أفعال العباد ليست هي كلام الله ولا أصوات العباد هي صوت الله، وهذا الذي قصده البخاري وهو مقصود صحيح.
    وسبب ذلك أن لفظ : " التلاوة، والقراءة، واللفظ " مجمل مشترك، يراد به المصدر ويراد به المفعول.
    فمن قال : " اللفظ ليس هو الملفوظ، والقول ليس هو المقول " وأراد باللفظ والقول المصدر، كان معنى كلامه أن الحركة ليست هي الكلام المسموع، وهذا صحيح.
    ومن قال : " " اللفظ هو الملفوظ، والقول هو نفس المقول " وأراد باللفظ والقول مسمَّى المصدر، صار حقيقة مراده أن اللفظ والقول (5) هو الكلام المقول. الملفوظ، وهذا صحيح.
    فمن قال : " اللفظ بالقرآن، أو القراءة، أو التلاوة، مخلوقة " أو : " لفظي بالقرآن أو تلاوتي " دخل في كلامه نفس الكلام المقروء المتلو، وذلك هو كلام الله تعالى. وإن أراد بذلك مجرد فعله وصوته كان المعنى صحيحاً، لكن إطلاق اللفظ يتناول هذا وغيره. ولهذا قال أحمد في بعض كلامه : " من قال لفظي بالقرآن مخلوق يريد به القرآن فهو جهمي " (6) احترازاً عمّا إذا أراد به فعله وصوته.
    وذكر [[اللالكائي[[ : أن بعض من كان يقول ذلك رأى في منامه كأن عليه فروة ورجل يضربه، فقال له لا تضربني، فقال : إني لا أضربَك، وإنما أضرب الفروة، فقال : إن الضرب إنما وقع ألمه عليَّ، فقال : هكذا إذا قلت : " لفظي بالقرآن مخلوق" وقع الخلق على القرآن.
    ومن قال : " لفظي بالقرآن غير مخلوق، أو تلاوتي " دخل في ذلك المصدر الذي هو عمله، وأفعال العباد مخلوقة، ولو قال : " أردت به أن القرآن المتلو غير مخلوق، لا نفس حركاتي " قيل له : لفظك هذا بدعة، وفيه إجمال وإيهام، وإن كان مقصودك صحيحاً " فلهذا منع أئمة السنة الكبار إطلاق هذا وهذا، وسطاً بين الطرفين.
    وكان أحمد وغيره من الأئمة يقولون: القرآن حيث تصَّرف كلام الله غير مخلوق، فيجعلون القرآن نفسه غير مخلوق، من غير أن يقترن بذلك ما يشعر أن ألفاظ العباد وصفاتهم غير مخلوقة.
    وصارت كل طائفة من النفاة والمثبتة في مسألة التلاوة تحكي قولها عن أحمد، وهم كما ذكر البخاري في كتاب " خلق الأفعال "، وقال : إنّ كل واحدة من هاتين الطائفتين تذكر قولها عن أحمد، وهم لا يفقهون قوله لدقة معناه.
    ثم صار ذلك التفرق موروثاً في أتباع الطائفتين فصارت طائفة تقول: إن اللفظ بالقرآن غير مخلوق، موافقة لأبي حاتم الرازي ومحمد بن داود المصيصي وأمثالهم كأبي عبد الله بن منده وأهل بيته، وأبي عبد الله بن حامد، وأبي نصر السجزي، وأبي إسماعيل الأنصاري، وأبي يعقوب الفرات الهروي وغيرهم.
    وقومٌ يقولون نقيض هذا القول، من غير دخول في مذهب ابن كُلاَّب مع اتفاق الطائفتين على أن القرآن كله كلام اللَّه، لم يُحْدث غيُره شيئاً، ولا خَلَقَ منه شيئاً في غيره لا حروفه ولا معانيه مثل حسين الكَرَابِيسي وداود بن علي الأصبهاني وأمثالهما (7).
    قلت : نستفيد من هذا النص العزيز عن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ ـ أن داود بن علي عنى بقوله : " لفظي بالقرآن مخلوق " أي : حركة المرء وتلاوته للقرآن، ولم يرد قط الملفوظ الذي هو كلام الله تعالى.
    ولا يخفى على اللبيب أن أفعال العباد ـ ومنها النطق ـ مخلوقة، وقد صنف الإمام البخاري كتابه العُجاب " خلق أفعال العباد " وذكر فيه ما رواه عن عُبيداللَّه بن سعيد ـ وهو اليَشكُري ـ، عن يحيى بن سعيد ـ وهو القطان ـ أنه قال : ما زلت أسمع من أصحابنا يقولون: إن أفعال العباد مخلوقة. قال أبو عبد الله (أي البخاري) : " حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في الصحف، المسطور، المكتوب، الموعى في القلوب، فهو كلام الله، ليس بخلق " (Cool.
    قال أبو عبد الرحمن: بعد هذا أقول: إن الإمامان الكبيران أحمد بن حنبل وداود بن علي متفقان على أن القرآن كلام الله لفظه ومعناه، لا يختلفان في ذلك، كما هو واضح من أقوالهم المأثورة عنهم. لكنهما اختلفا في قول الإنسان: لفظي بالقرآن مخلوق، أو غير مخلوق. فأنكر ذلك الإمام أحمد؛ لأن اللفظ يراد به أمران: أحدهما الملفوظ نفسه، وهو غير مقدور للعبد، ولا فعل له فيه، والثاني التلفظ به والأداء له، وهو فعل العبد. فإطلاق الخلق على اللفظ قد يوهم المعنى الأول وهو خطأ، وإطلاق نفي الخلق عليه قد يوهم المعنى الثاني وهو خطأ، فمنع الإطلاقين. فيقولان: التلاوة هي قراءتنا وتلفظنا بالقرآن، والمتلو هو القرآن المسموع بالآذان بالأداء من فم الرسول صلى الله عليه وسلم، وهي حروف وكلمات وسور وآيات تلاه جبريل وبلّغه جبريل عن الله تعالى كما سمعه. فهما يميزان بين ما قام بالعبد، وما قام بالرب فالقرآن عندهما جميعه كلام الله حروفه ومعانيه، وأصوات العباد وحركاتهم وأداؤهم وتلفظهم كل ذلك مخلوق بائن عن الله.
    قال أبو عبد الرحمن: العدل والانصاف يتوجب عليّ القول : ليس كل من قال: " لفظي بالقرآن مخلوق " ـ وهو من أهل الصدق والفضل والأمانة ـ يكون قصده بهذه الكلمة القصد السيء بل يُحمل كلامه على فعل اللافظ، وحركته، وصوته، وهو حقٌ، لأنها من أفعالنا، وأفعالنا مخلوقة قطعاً، وإن كان الأولى ترك هذه اللفظة جملة ؛ لأنها مما ترك السلف الكلام فيها. وإن كان القائل من غير أهل الصدق والفضل والأمانة فيُحمل كلامه على الملفوظ الذي هو كلام الله تعالى المؤلّف من الحروف المنطوقة المسموعة المفهومة، وهو باطلٌ.
    ومن المهم جداً أن أذكر هنا كلاماً يقتضيه المقام لشيخنا الإمام، أسد السُّنة الهُمام محمد ناصر الدِّين الألباني ـ ـ قال:
    " بعض العلماء ترك الإمام البخاري ولم يرو عنه، لماذا ؟، قال: لأنه فصَّل بين قول من يقول: القرآن مخلوق، هذا ضال، مبتدع، كافر على اختلاف العلماء في تعابيرهم، وبين من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، الإمام أحمد ألحق من قال بهذه القولة ـ لفظي بالقرآن مخلوق ـ بالجهمية، وبناءً على ذلك حكم بعض من جاءوا بعد الإمام أحمد على البخاري، بأنه لا يؤخذ منه، لأنه قال قولة الجهمية، الجهمية لا يقولون: لفظي فقط بالقرآن مخلوق، يقولون: القرآن هو ليس كلام الله، وإنما هو مخلوق من خلق الله عز وجل، فماذا يقال في البخاري الذي قال كلمة: لفظي بالقرآن مخلوق، والمحدث ـ ومنهم الإمام أحمد ـ الذي يقول: من قال هذه الكلمة فهو جهمي، لا يمكن أن نصحح كلاً من الأمرين، إلا بتأويل صحيح يتماشى مع القواعد،... إذا بماذا نجيب عن كلمة الإمام أحمد: من قال : لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي ؟
    لا جواب إلا ما ذكرت لك، تحذيراً من أن يقول المسلم قولاً يُتخذ ذريعة من أهل البدعة، والضلالة وهم الجهمية.
    وقد يقول قائل ـ لتوريط من حوله ـ: لفظي بالقرآن مخلوق، وهو يعني نفس القرآن، لكن ليس ضروريا كل مسلم يتكلم بهذه الكلمة يكون قصده ذاك القصد السيء نفسه... " (9).
    قال الدكتور عارف خليل محمد أبو عبيد في كتابه " الإمام داود الظاهري وأثره في الفقه الإسلامي " (ص 56) :
    " وبعد هذا فإني أشك فيما نسب إلى الإمام داود الظاهري من القول بإن القرآن محدث وأظنه لم يخض في هذه المسألة مطلقاً والذي يترجح لدي أن أتباع المذاهب الأخرى أشاعوا ذلك على لسانه لتنفير الناس عنه حتى يحصروه ويرجع سبب ذلك إلى أنه منع التقليد ونفى القياس وهذا ما لا يروق لهم.
    ثم إن الإمام داود الظاهري كان إذا آمن برأي لم يهب أحداً بالتصريح به فقد رد على إسحاق بن راهويه.. وما كان أحد من معاصريه يجرؤ على الرد عليه ولو كان داعياً لمثل ذلك لما تنصل منه عندما أراد الدخول على أحمد بن حنبل(10).
    حتى ولو صحت الروايات التي تشير إلى أن داود الظاهري قال : بأن القرآن الذي بين الناس مخلوق فيمكن ارجاعها إلى عهد صباه ومن المحتمل أن آراء داود الظاهري قد تغيرت في السنوات الأخيره من حياته إذ يلاحظ أن داود والظاهرية أعظم تشددا من الإمام أحمد بن حنبل في عقيدة محنة خلق خلق القرآن (11) فهذا تلميذ داود الظاهري إبراهيم بن محمد بن عرفة الشهير بنفطوية يصنف كتاباً في الرد على من قال بخلق القرآن (12).
    ثم إنه من أشد أنصار الشافعي الذي لم يسمع عنه وعن أتباعه من قال القرآن مخلوق كما أن المعتزلة لم يترجموا له في كتبهم بل وصفوه بأنه من أصحاب الحديث (13).
    ونختم هذه الفقرة بكلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ ـ وهو يُبرأ الإمام دواد الظاهري ـ تعالى ـ من هذه الترهات التي نُسبت إليه، فيقول :
    " وشبهة هؤلاء أن الأئمة المشهورين كلهم يثبتون الصفات لله تعالى، ويقولون : إن القرآن كلام الله ليس بمخلوق، ويقولون : إن الله يُرى في الآخرة.
    هذا مذهب الصحابة والتابعين لهم بإحسان من أهل البيت وغيرهم، وهذا مذهب الأئمة المتبوعين مثل مالك بن أنس والثوري والليس بن سعد والأوزاعي، وأبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وداود، ومحمد بن جرير الطبري وأصحابهم " (14).
    وقال أيضاً في " شرح العقيدة الاصبهانية " (ص77) :
    " فإن داود وأكابر أصحابه من المثبتين للصفات على مذهب أهل السنة والحديث ".
    وذكر مثل ذلك أيضأ السفاريني في " الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية " :
    أئِمَّة الدَّين هداة الأُمَّةِ... أَهْلِ التُّقى مِنْ سَائِرِ الأئِمَّةِ
    قال في شرحه " لوامع الأنوار " (2/ 45) ومن ثم قال (أئمة) أهل هذا (الدين) المتين ونور الله المبين الذي جاء به النبي الأمين من عند رب العالمين (هداة الأمة) أي الدالين الأمة على نهج الرسول والكاشفين لهم عن معاني الكتاب المنزل والأحاديث التي عليها المعول والذابين زيغ الزائغين وبدع المبتدعين وضلال المضلين وإلحاد الملحدين فقد شيدوا مبانيها وسددوا معانيها وأصلوا أصولها وفصلوا فصولها فأصبحت الشريعة بهذا الترتيب مضبوطة وأحكامها بهذا الوصف والتبويب مربوطة فمن رام اختلاس حكم من أحكامها نكص على عقبيه وهو خائب، ومن دنا من سما أحكامها رمته كواكب حرسها بشهاب ثاقب ولست أخص بهذا الوصف والدعاء أحداً دون أحد، بل أسأل الله تعالى لهم جميعاً لأنهم هم (أهل التقى من سائر) أي جميع (الأئمة) من المقتدى بأقوالهم وأفعالهم من كل عالم همام وحبر قمقام، ومقدم مقدام كالأئمة المتبوعة الآتي ذكرهم والسفيانين والحمادين وإسحاق وعبدالله بن المبارك والليث بن سعد وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وعبدالملك بن جريج وداود وغيرهم ؛ فإنهم وإن تباينت أقوالهم واختلفت آراؤهم من جهة الفروع الفقهية فالجميع سلفية أثرية ولهم في السنة التصانيف والتآليف الناصعة كابن سعيد الدارمي وأبي بكر بن خزيمة وأشباههم ".
    ومن المفيد أن أذكر ما جاء عن الشهرستاني في كتابه " الملل والنحل " (1/ 74)، قال :
    " وأما السلف الذين لم يتعرضوا للتأويل، ولا تهدفوا للتشبيه، فمنهم: مالك بن أنس رضي الله عنهما، إذ قال: الأستواء معلوم، والكيف مجهولة، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. ومثل أحمد بن حنبل، وسفيان الثوري، وداود بن علي الأصفهاني، ومن تابعهم " أ.ه.
    • قال أبو عبد الرحمن : ما جاء في " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم في ترجمة دواد بن خلف الأصبهاني وقوله فيها (كان ضالاً مبتدعاً مموهاً ممخرقاً قد رأيته وسمعت كلامه) ويناقض ذلك ما جاء عنه كما في " لسان الميزان (وهو مع ذلك صدوق في روايته ونقله واعتقاده) فمن كان يظن أن داود بن خلف هو داود بن علي فعليه أن يثبت أيهما المتقدم الذم أو المدح، ودون إثبات ذلك خرط القتاد كما يقال. هذا أولاً. ثانياً : في النص الأول يثبت سماعه من دواد بن خلف، وفي النص الثاني لم يتطرق لذلك. وكل من ترجم لداود بن علي لم يذكروا أن ابن أبي حاتم سمع من داود ـ وإن كان هذا غير مستبعد ـ، ثالثاً : في النص الثاني من العلم ما لا يوجد في النص الأول وهو قوله :روى عن إسحاق الحنظلي وجماعة من المحدثين، وتفقه للشافعي، ونفى القياس... ألخ ولذلك قال ابن حجر : وقد ذكره ابن أبي حاتم فأجاد في ترجمته. قلت : فهذا وذاك يقوي جانب الاختلاف في الترجمتين وأنهما لشخصين مختلفين. ثم جاءك الخبر اليقين ببرآءة الإمام دواد بقول صالح ابن الإمام أحمد : (إنه ينتفي من هذا ويُنكره). هب أنه هو دواد الظاهري قد علمنا تلك المأخذ الذي أخذ عليه وهو قوله عن
    القرآن (مُحْدَث) وهذا تقدم الجواب عليه من كلام ابن تيمية وهو لا يقدح في الإمام الظاهري. ويستحسن أن تنظر " طبقات الشافعية الكبرى " (2/ 118ـ 120، 228ـ 231).
    قلت : على كل حال كلام ابن أبي حاتم ـ ـ يقبل في الضعفاء والمجاهيل لا في الأئمة الأثبات ؛ لأن من ثَبَتتْ إمامتُه، وعدالتُه، وكَثُر مادحوه ومزكُّوه ونَدَر الواقعين فيه، وكانت هناك قرينة دالة على سبب الكلام فيه، من تعصب مذهبي أو غيره، فينبغي أن يضرب به عرض الحائط ولا يلتفت إليه، بل نعمل فيه بالعدالة، وإلا فلو فتحنا هذا الباب، وأخذنا بتقديم الجرح على إطلاقه، لما سَلٍمَ لنا أحد من الأئمة، إذ ما من إمام إلا وقد تكلم فيه متكلمون، وهلك فيه هالكون.
    ويدافع عن الإمام دواد بن علي الظاهري ـ تعالى ـ ذهبي العصر العلامة المعلمي اليماني ـ تعالى ـ فيقول معلقاً في الحاشية : " وقد يظن أن هذا الرجل هو داود بن علي بإمام أهل الظاهر ن خلف الأصبهاني ـ لكن في ترجمته من لسان الميزان " وقد ذكره ابن أبي حاتم فأجاد في ترجمته فإنه قال : روى عن إسحلق الحنظلي وجماعة من المحدثين وتفقه للشافعي تعالى ثم ترك ذلك ونفى القياس وألف في الفقه على ذلك كتباً شذ فيها عن السلف وابتدع طريقة هجره أكثر أهل العلم عليها وهو مع ذلك صدوق في روايته ونقله واعتقاده إلا أن رأيه أضعف الآراء وابعدها من طريقة الفقه وأكثرها شذوذاً " وليست هذه العبارة في هذه الترجمة ولا في غيرها من هذا الباب في الأصلين الذين عندنا فالله أعلم، ولداود ترجمة في " تاريخ بغداد " (8/ 369) وقد حكوا شيئاً عن وراق داود عن داود ووراقه هو الحسين بن عبد الله بن شاكر ضعفه الدارقطني ترجمته في " لسان الميزان " (2/ 290) وحكوا عن داود كلمة أخرى عابها عليه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه ومحمد بن يحيى وأبو زرعة وغيرهم من الأئمة ولا أراه نحا بها إلا منحى البخاري وإن لم يحسن التعبير وقصته شبيهة بقصة البخاري
    والله المستعان. وأما ذمه كثرة طلب الحديث فالظاهر ذم صرف العمر كله وترك التفقه، والله أعلم " أ.ه.
    • قال أبو الفتح الشهرستاني في كتابه " الملل والنحل " (1/ 170) :
    " أصحاب الحديث: وهم أهل الحجاز؛ هم أصحاب مالك بن أنس، وأصحاب محمد بن إدريس الشافعي، وأصحاب سفيان الثوري، وأصحاب أحمد بن حنبل، وأصحاب داود بن علي الأصفهاني.
    وإنما سموا: أصحاب الحديث؛ لأن عنايتهم: بتحصيل الأحاديث، ونقل الأخبار، وبناء الأحكام على النصوص؛ ولا يرجعون إلى القياس ـ الجلي والخفي ـ ما وجدوا خبراً، أو أثراً؛ وقد قال الشافعي: إذا وجدتم لي مذهباً، ووجدتم خبراً على خلاف مذهبي، فاعلموا أن مذهبي : ذلك الخبر " أ.ه.
    • قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ ـ في " حقيقة الصيام " (35 ـ 36) :
    " وداود من أصحاب إسحاق. وقد كان أحمدبن حنبل إذا سئل عن إسحاق يقول : أنا أُسأل عن إسحاق ؟ إسحاق يسأل عني.
    والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور ومحمد بن نصر المروزي وداود بن علي ونحو هؤلاء كلهم فقهاء الحديث رضي الله عنهم أجمعين " أ.ه.
    • قال الإمام تاج الدين السُّبكي (عبد الوهاب بن علي)، الشافعي في آخر كتابه " جمع الجوامع " في أصول الفقه (2/ 441)، عند ذكر العقيدة :
    " ونعتقدُ أنَّ أبا حنيفة، ومالكاً، والشافعيَّ، وأحمدَ، والسُّفْيَانّين، والأوزاعيَّ، وإسحاق بنَ راهوية، وداود الظاهريَّ، وابن جرير، وسائرَ أئمة المسلمين : على هُدىً من الله تعالى في العقائد وغيرها، ولا التفاتَ إلى من تَكلَّم فيهم بما هم بريئون منه، فقد كانُوا من العلوم اللَّدُنِّيَّةِ، والمواهب الإلهية، والاستنباطات الدقيقة، والمعارفِ الغزيرة، والِّينِ والوَرَعِ والعبادةِ والزهادةِ والجلالة : بالمحلِّ الذي لا يُسامى " أ.ه.
    مصنفاته
    كان الإمام داود مكثراً من التصنيف، وهو من الذين قيل فيهم " عقله أكبر من علمه " فقد حباه الله عقلاً نيراً وحافظة قوية حتى أن كتبه كما وصفت " كانت مملوءة حديثاً " وقد أوتي قدرة فائقة على التصنيف تنم عن علم جم واطلاع واسع. وهذه الثروة العظيمة التي خلفها لنا ـ للأسف الشديد ـ لم يقيض لها أن ترى النور لتصبح متداولة بين أيدي الناس، فقد ذهبت مبكراً ولم يبقى منها شيء، وقد ذكر العلامة ابن النديم في " الفهرست " ثبت
    دآنة نجد
    دآنة نجد
    عضو جديد
    عضو جديد


    انثى عدد الرسائل : 5
    العمر : 32
    تاريخ التسجيل : 20/03/2010

    طلـــب  (ترجمة لداود الظاهري) Empty رد: طلـــب (ترجمة لداود الظاهري)

    مُساهمة من طرف دآنة نجد مارس 26th 2010, 4:24 pm

    جزآك الله الفردوس الاعلى ~

      الوقت/التاريخ الآن هو نوفمبر 21st 2024, 2:47 pm